للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: "وقالها محمد صلى الله عليه وسلم ... " إلى آخره، وذلك بعدما كان من أمر أحد ما كان. بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا الكرة عليهم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، والزبير وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف، وحذيفة بن اليمان وعبد الله ابن مسعود، وأبو عبيدة بن الجراح في سبعين راكبًا حتى انتهى إلى حمراء الأسد، وهي من المدينة على ثلاثة أميال، ثم ألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان، فرجع إلى مكة، ومر به ركب من عبد قيس فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نرييد المدينة، قال: فهل أنتم مبلغون عني محمدًا رسالة أرسلكم بها إليه؟ قالوا: نعم. قال: فإذا وافيتموه فأخبروه أنَّا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم، فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان وأصحابه، فقال: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ١. والقصة مشهورة في السير والتفاسير.

ففي هاتين القصتين فضل هذه الكلمة وأنها قول إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام في الشدائد، ولهذا جاء في الحديث: "إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا حسبنا الله ونعم الوكيل". رواه ابن مردويه وأن القيام بالأسباب مع التوكل على الله لا يتنافيان، بل يجب على العبد القيام بهما، كما فعل الخليلان عليهما الصلاة والسلام، ولهذا جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن عوف بن مالك: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا علي الرجل. قال: ما قلت؟ قال: قلت: حسبي الله ونعم الوكيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس فإذا غلبك أمر، فقل: حسبي الله ونعم الوكيل". وفي الآية دليل على أن الإيمان يزيد وينقص. قال مجاهد في قوله: {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} . قال:


١ سورة آل عمران آية: ١٧٣.

<<  <   >  >>