للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالأسباب المأمور بها، فحينئذ إذا توكل على الله، فهو حسبه، فالتوكل بدون القيام بالأسباب المأمور بها عجز محض، وإن كان مشوبًا بنوع من التوكل، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكله عجزًا، ولا عجزه توكلاً، بل يجعل توكله من جملة الأسباب التي لا يتم المقصود إلا بها كلها. ذكر معناه ابن القيم.

قال عن ابن عباس: قال: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ١ قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} ٢. رواه البخاري.

ش: قوله: {حَسْبُنَا اللَّهُ} أي: كافينا فلا نتوكل إلا عليه، كما قال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ٣ أي كافيه. كما قال: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} ٤.

قوله: {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي: نعم الموكل إليه المتوكل عليه; كما قال تبارك وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} ٥. فقد تضمنت هذه الكلمة العظيمة التوكل على الله والالتجاء إليه، قال ابن القيم: وهو حسب من توكل عليه، وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمن خوف الخائف، ويجير المستجير وهو نعم المولى، ونعم النصير، فمن تولاه، واستنصر به، وتوكل عليه، وانقطع بكليته إليه، تولاه، وحفظه وحرسه، وصانه، ومن خافه، واتقاه آمنه مما يخاف ويحذر، وجلب إليه كل ما يحتاج إليه من المنافع.

قوله: "قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار"، وفي رواية عن " ابن عباس: قال: كان آخر قول إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار. {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ٦ ". رواه البخاري، وقد ذكر الله القصة في سورة الأنبياء [٥١-٧٣] عليهم السلام.


١ سورة آل عمران آية: ١٧٣.
٢ سورة آل عمران آية: ١٧٣.
٣ سورة الطلاق آية: ٣.
٤ سورة الزمر آية: ٣٦.
٥ سورة الحج آية: ٧٨.
٦ سورة آل عمران آية: ١٧٣.

<<  <   >  >>