للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت" ١.

ش: قوله: "هما". أي الاثنتان.

قوله: "بهم كفر". أي: هما بالناس، أي: فيهم كفر. قال شيخ الإسلام: أي: هاتان الخصلتان هما كفر قائم في الناس. فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا في أعمال الكفار، وهما قائمتان بالناس، لكن ليس من قام به شعبة من شعب الكفر يصير كافرًا الكفر المطلق، حتى تقوم به حقيقة الكفر، كما أنه ليس من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير مؤمنًا حتى يقوم به أصل الإيمان، وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله: "ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة" ٢. وبين كفر منكّر في الإثبات.

قوله: "الطعن في النسب" أي: عيبه، ويدخل فيه أن يقال: هذا ليس ابن فلان مع ثبوت نسبه في ظاهر الشرع ذكره بعضهم.

قوله: "والنياحة على الميت" أي: رفع الصوت بالندب بتعديد شمائله لما في ذلك من التسخط على القدر والجزع المنافي للصبر، وذلك كقول النائحة: واعضداه، واناصراه، واكاسياه ونحو ذلك. وفيه دليل على أن الصبر واجب، لأن النياحة منافية له، فإذا حرمت دل على وجوبه وفيه أن من الكفر ما لا ينقل عن الملة.

قال: ولهما عن ابن مسعود مرفوعًا: "ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعى بدعوى الجاهلية" ٣.

ش: قوله: "ليس منا" هذا من نصوص الوعيد، وقد جاء عن سفيان الثوري وأحمد كراهة تأويلها ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ


١ مسلم: الإيمان (٦٧) , وأحمد (٢/٣٧٧ ,٢/٤٣١ ,٢/٤٤١ ,٢/٤٩٦) .
٢ مسلم: الإيمان (٨٢) , والنسائي: الصلاة (٤٦٤) .
٣ البخاري: الجنائز (١٢٩٧) , ومسلم: الإيمان (١٠٣) , والترمذي: الجنائز (٩٩٩) , والنسائي: الجنائز (١٨٦٠ ,١٨٦٢ ,١٨٦٤) , وابن ماجه: ما جاء في الجنائز (١٥٨٤) , وأحمد (١/٣٨٦ ,١/٤٣٢ ,١/٤٤٢ ,١/٤٥٦ ,١/٤٦٥) .

<<  <   >  >>