للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الزجر، وقيل أي: ليس من أهل سنتنا وطريقتنا، لأن الفاعل لذلك ارتكب محرمًا، وترك واجبًا. وليس المراد إخراجه من الإسلام بل المراد المبالغة في الردع عن الوقوع في ذلك، كما يقول الرجل لولده عند معاقبته: لست مني ولست منك، فالمراد أن فاعل ذلك ليس من المؤمنين الذين قاموا بواجبات الإيمان.

قوله: "من ضرب الخدود". قال الحافظ: خص الخد بذلك لكونه الغالب، وإلا فضرب بقية الوجه مثله، قلت: بل ولو ضرب غير الوجه كالصدر، فكما لو ضرب الخد، فيدخل في معنى ضرب الخد، إذ الكل جزع مناف للصبر فيحرم.

قوله: "وشق الجيوب"، جمع جيب وهو الذي يدخل فيه الرأس من الثوب، وكانوا يشقونه حزنًا على الميت. قال الحافظ: والمراد إكمال فتحه إلى آخره. قلت: الظاهر أن فتح بعضه كفتحه كله.

قوله: "ودعا بدعوى الجاهلية". قال شيخ الإسلام: هو ندب الميت. وقال غيره: هو الدعاء بالويل والثبور. وقال الحافظ: أي: من النياحة ونحوها. وكذا الندب به كقولهم: واجبلاه، وكذا الدعاء بالويل والثبور. وقال ابن القيم: الدعاء بدعوى الجاهلية، كالدعاء إلى القبائل والعصبية للإنسان، ومثله التعصب للمذاهب والطوائف، والمشايخ وتفضيل بعض على بعض في الهوى والعصبية، وكونه منتسبًا إليه يدعو إلى ذلك، ويوالي عليه، ويعادي ويزن الناس به، فكل هذا من دعوى الجاهلية.

قلت: الصحيح أن دعوى الجاهلية يعم ذلك كله، وقد جاء لعن من فعل ما في هذا الحديث عن ابن ماجة، وصححه ابن حبان عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الخامشة وجهها، والشاقة جيبها، والداعية بالويل والثبور" ١ وهذا يدل على أن هذه الأمور من الكبائر، لأنها مشتملة على التسخط على الرب وعدم


١ ابن ماجه: ما جاء في الجنائز (١٥٨٥) .

<<  <   >  >>