قوله:"مغبرة قدماه"، هو كأشعث في الإعراب والمراد به كثرة الغبار له في سبيل الله لكثرة جهاده ومصابرته.
قوله:"إن كان في الحراسة". قال بعضهم: هو بكسر الحاء أي: حماية الجيش ومحافظتهم عن أن يهجم عليهم عدوهم.
قوله:"كان في الحراسة"، أي: امتثل غير مقصر فيها بالنوم والغفلة ونحوهما.
قوله:"وإن كان في الساقة كان في الساقة"، أي: إن جعل في مؤخرة الجيش صار فيها ولزمها. وقال ابن الجوزي: المعنى: أنه خامل الذكر، لا يقصد السمو، فأي موضع اتفق له كان فيه. وقال الخلخالي: المعنى ائتماره لما أمر، وإقامته حيث أقيم لا يفقد من مكانه، وإنما ذكر الحراسة والساقة، لأنهما أشد مشقة وأكثر آفة. قلت: وفيه فضيلة الحرس في سبيل الله.
قوله:"إن استأذن لم يؤذن له"، أي: إن استأذن على الأمراء ونحوهم لم يأذنوا له، لأنه ليس بذي جاه ولا يقصد بعمله الدنيا فيطلبها منهم، ويتردد إليهم لأجلها بل هو مخلص لله.
قوله:"وإن شَفَّع" بفتح أوله وثانيه مبني للفاعل، ويشفع بتشديد الفاء، مبني للمفعول، والمراد والله أعلم أنه لا يشفع عند الملوك ونحوهم، لعدم جاهه عندهم وعلى تقدير شفاعته إن شفع لم يشفع بل يردّون شفاعته.
قال بعضهم: قيل: إن هذا إشارة إلى عدم التفاته إلى الدنيا وأربابها بحيث لا يبتغي مالاً ولا جاهًا عند الناس، بل يكون عند الله وجيهًا ولم يقبل الناس شفاعته، ويكون عند الله شفيعًا مشفعًا، كما في الحديث الذي رواه أحمد [عن أنس بنحوه] ومسلم عن أبي هريرة مرفوعًا "رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" ١. وقال الحافظ: فيه ترك حب الرئاسة والشهرة، وفضل الخمول والتواضع.