للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هلوعًا. ومنها ما لا يحتاج إليه العبد، فهذه ينبغي أن لا يعلق قلبه بها، فإذا تعلق قلبه بها، صار مستعبدًا لها وربما صار مستعبدًا معتمدًا على غير الله فيها، فلا يبقى معه حقيقة العبودية لله، ولا حقيقة التوكل عليه، بل فيه شعبة من العبادة لغير الله، وشعبة من التوكل على غير الله، وهذا من أحق الناس بقوله صلى الله عليه وسلم: "تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، وتعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة" ١. وهذا هو عبد لهذه الأمور، ولو طلبها من الله، فإن الله إذا أعطاه إياه رضي، وإن منعه إياها سخط. وإنما عبد الله من يرضيه ما يرضي الله، ويسخطه ما يسخط الله، ويحب ما أحب الله ورسوله، ويبغض ما أبغض الله ورسوله، ويوالي أولياء الله، ويعادي أعداء الله فهذا الذي استكمل الإيمان. انتهى ملخصًا.

قوله: "طوبى لعبد"، قال أبو السعادات: طوبى اسم الجنة، وقيل: هي شجرة فيها. قلت: قد روى ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجًا حدثه أن أبا الهيثم حدثه عن أبي سعيد في حديث: "فقال رجل: يا رسول الله وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها" ٢. رواه حرملة عنه. ورواه أحمد في مسنده من حديث عتبة بن عبد السلمي "جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الحوض وذكر الجنة. ثم قال الأعرابي: "وفيها فاكهة؟ قال: نعم. وفيها شجرة تدعى طوبى ... " ٣ الحديث. قال الزجاج: في قوله: طوبى لهم. معناه: العيش الطيب. وقال ابن الأنباري: الحال المستطابة لهم، لأنه فعلى من الطيب، وقيل: معناه هنيئًا بطيب العيش لهم وهذه الأقوال ترجع إلى قول واحد.

قوله: "أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أي: في طريق الجهاد.

قوله: "أشعث رأسه"، هو بنصب أشعث صفة لعبد لأنه غير مصروف للصفة ووزن الفعل، ورأسه مرفوع على الفاعلية لأشعث، وهو مغبر الرأس. وفيه فضل إصابة الغبار في سبيل الله.


١ البخاري: الرقاق (٦٤٣٥) , وابن ماجه: الزهد (٤١٣٦) .
٢ أحمد (٣/٧١) .
٣ أحمد (٤/١٨٣) .

<<  <   >  >>