جيم، مات مشركًا وعدي يكنى أبا طريف بفتح المهملة صحابي شهير، حسن الإسلام، مات سنة ثمان وستين وله مائة وعشرون سنة.
قوله:"فقلت: إنا لسنا نعبدهم"، عن ظن عدي أن العبادة المراد بها التقرب إليهم بأنواع العبادة، من السجود والذبح والنذر ونحو ذلك فقال: إنا لسنا نعبدهم.
قوله:"أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ... " إلى آخره.
صرح صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأن عبادة الأحبار والرهبان هي طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام، وهو طاعتهم في خلاف حكم الله ورسوله.
قال شيخ الإسلام: وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وعكسه يكونون على وجهين.
أحدهما: أنهم يعلمون أنهم بدلوا دين الله، فيتبعونهم على التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله اتباعًا لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركًا وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون.
الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال، وتحليل الحرام ثابتًا، لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنما الطاعة في المعروف" ١.
ثم نقول: اتباع هذا المحلل للحرام والمحرم للحلال إن كان مجتهدًا قصده اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر، وقد اتقى الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه، بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه. ولكن من علم أن هذا الخطأ
١ صحيح البخاري: كتاب الأحكام (٧١٤٥) وكتاب أخبار الآحاد (٧٢٥٧) , وصحيح مسلم: كتاب الإمارة (١٨٤٠) , وسنن النسائي: كتاب البيعة (٤٢٠٥) , وسنن أبي داود: كتاب الجهاد (٢٦٢٥) , ومسند أحمد (١/٨٢ ,١/٩٤ ,١/١٢٤) .