للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم فله نصيب من الشرك الذي ذمه الله، لا سيما إن اتبعه في ذلك لهواه ونصره باللسان واليد مع علمه بأنه مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم. فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه، ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يجوز تقليد أحد في خلافه، وأما إن كان المتبع للمجتهد عاجزًا عن معرفة الحق على التفصيل، وقد فعل ما يقدر عليه مثله من الاجتهاد في التقليد، فهذا لا يؤاخذ إن أخطأ كما في القبلة. وأما إن قلد شخصًا دون نظيره بمجرد هواه، ونصره بيده ولسانه من غير علم أن الحق معه، فهذا من أهل الجاهلية، فإن كان متبوعه مصيبًا لم يكن عمله صالحًا، وإن كان متبوعه مخطئًا، كان آثمًا كمن قال في القرآن برأيه، فإن أصاب فقد أخطأ، وإن أخطأ، فليتبوأ مقعده من النار. انتهى ملخصًا.

قال المصنف: وفيه تغير الأحوال إلى هذه الغاية [حتّى] صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال ويسمونها الولاية. وعبادة الأحبار هي العلم والفقه، ثم تغيرت الحال إلى أن عبد من ليس من الصالحين، وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين.

قوله: "صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال". يشير إلى ما يعتقده كثير من الناس فيمن ينتسب إلى الولاية من الضر والنفع، والعطاء والمنع، ويسمون ذلك الولاية والسر ونحو ذلك وهو الشرك.

قوله: "وعبادة الأحبار هي العلم والفقه"، أي: هي التي تسمى اليوم العلم والفقه المؤلف على مذاهب الأئمة ونحوهم، فيطيعونهم في كل ما يطيعونك سواء وافق حكم الله أم خالفه، بل لا يعبؤون بما خالف ذلك من كتاب وسنة، بل يريدون كلام الله وكلام رسوله لأقوال من قلدوه، ويصرحون بأنه لا يحل العمل بكتاب ولا سنة، وأنه لا يجوز تلقي العلم والهدى منهما، وإنما الفقه والهدى عندهم

<<  <   >  >>