للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكتاب والسنة من الفرائض وأن التحاكم إليه غير مؤمن بل ولا مسلم.

وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} ١.

أي: إذا دُعوا إلى التحاكم إلى ما أنزل الله وإلى الرسول أعرضوا إعراضًا مستكبرين كما قال تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} ٢ قال ابن القيم: هذا دليل على أن من دعي إلى تحكيم الكتاب والسنة، فلم يقبل، وأبى ذلك أنه من المنافقين. ويصدون هنا لازم لا متعد، وهو بمعنى يعرضون، لا بمعنى يمنعون غيرهم، ولهذا أتى مصدره على صدوداً، ومصدر المتعدي صدًّا. فإذا كان المعرض عن ذلك قد حكم الله سبحانه بنفاقهم، فكيف بمن ازداد إلى إعراضه منع الناس من تحكيم الكتاب والسنة، والتحاكم إليهما بقوله وعمله وتصانيفه؟! ثم يزعم مع ذلك أنه إنما أراد الإحسان والتوفيق؛ الإحسان في فعله ذلك، والتوفيق بين الطاغوت الذي حكمه، وبين الكتاب والسنة.

قلت: وهذا حال كثير ممن يدعي العلم والإيمان في هذه الأزمان، إذا قيل لهم: تعالوا نتحاكم إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيتهم يصدون وهم مستكبرون، ويعتذرون أنهم لا يعرفون ذلك، ولا يعقلون، بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون.

وقوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} ٣.قال ابن كثير: أي: فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في المصائب بسبب ذنوبهم، واحتاجوا إليك في ذلك. وقال ابن القيم قيل: المصيبة فضيحتهم إذا أنزل القرآن بحالهم،


١ سورة النساء آية: ٦١.
٢ سورة النور آية: ٤٨.
٣ سورة النساء آية: ٦٢.

<<  <   >  >>