للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن كثير: أي: هذا الضرب من الناس هم المنافقون، والله أعلم بما في قلوبهم، وسيجزيهم على ذلك، فإنه لا تخفى عليه خافية، فاكتف به يا محمد فيهم، فإنه عالم ببواطنهم وظواهرهم.

وقوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} ١.

قال ابن القيم: أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم فيهم بثلاثة أشياء:

أحدها: الإعراض عنهم إهانة لهم، وتحقيرًا لشأنهم، وتصغيرًا لأمرهم لا إعراض متاركة وإهمال، وبهذا يعلم أنها غير منسوخة.

الثاني: قوله: وعظهم وهو تخويفهم عقوبة الله وبأسه ونقمته إن أصروا على التحاكم إلى غير رسوله صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه.

الثالث: قوله: وقل لهم في أنفسهم قولًا بليغًا، أي: يبلغ تأثيره إلى قلوبهم ليس قولاً لينًا لا يتأثر به المقول له، وهذه المادة تدل على بلوغ المراد بالقول، فهو قول يبلغ به مراد قائله من الزجر والتخويف ويبلغ تأثيره إلى نفس المقول له، ليس هو كالقول الذي يمر على الأذن صفحًا.

وهذا القول البليغ يتضمن ثلاثة أمور:

أحدها: عظم معناه، وتأثر النفوس به.

الثاني: فخامة ألفاظه وجزالتها.

الثالث: كيفية القائل في إلقائه إلى المخاطب فإن القول كالسهم، والقلب كالقوس الذي يدفعه وكالسيف، والقلب كالساعد الذي يضرب به.

وفي متعلق قوله: {فِي أَنْفُسِهِمْ} قولان:

أحدهما: بقوله {بَلِيغاً} أي: قولاً بليغًا في أنفسهم، وهذا حسن من جهة المعنى، ضعيف من جهة الإعراب، لأن صفة الموصوف لا تعمل فيما قبلها.

والقول الثاني: أنه متعلق بقل وفي المعنى على هذا قولان:

أحدهما: قل لهم في أنفسهم خاليًا بهم ليس معهم غيرهم بل


١ سورة النساء آية: ٦٣.

<<  <   >  >>