للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} ١، فهذه أربعة أنواع من الجزاء المرتب على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم:

أحدها: حصول الخير المطلق بها.

الثاني: التثبت والقوة المتضمن للنصر والغلبة.

والثالث: حصول الأجر العظيم لهم في الآخرة.

والرابع: هدايتهم الصراط المستقيم. وهذه الهداية هي هداية ثانية أوجبتها طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فطاعته صلى الله عليه وسلم ثمرة الهداية السابقة عليها فهي محفوفة بهدايتين: هداية قبلها وهي سبب الطاعة، وهداية بعدها هي ثمرة لها، وهذا يدل على انتفاء هذه الأمور الأربعة عند انتفاء طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثم قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} ٢.

قال ابن القيم: "فأخبر سبحانه أن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم توجب مرافقة المنعم عليهم، وهم أهل السعادة الكاملة، وهم أربعة أصناف: النبيون وهم أفضلهم ثم الصديقون وهم بعدهم في الدرجة، ثم الشهداء، ثم الصالحون فهؤلاء المنعم عليهم النعمة التامة وهم السعداء الفائزون، ولا فلاح لأحد إلا بموافقتهم، والكون معهم، ولا سبيل إلى مرافقتهم إلا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سبيل إليها إلا بمعرفة سنته وما جاء به فدل على أن من عدم العلم بسنته وما جاء به، فليس له إلى مرافقة هؤلاء سبيل، بل هو ممن يعض على يديه يوم القيامة، ويقول: {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} ، [الفرقان، من الآية: ٢٧] ".

قلت: ما لمن لم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النّزاع إلى مرافقة هؤلاء المنعم عليهم سبيل، وكيف يكون له سبيل إلى ذلك، وعنده أن من حكّم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النّزاع، فهو إما زنديق أو مبتدع، وأنى له بطاعة الله ورسوله، وهذا أصل اعتقاده الذي بنى عليه دينه، ومع ذلك َ {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} إذا حكّموا غير الرسول صلى الله عليه وسلم ونبذوا حكمه {وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ} .


١ سورة النساء آية: ٦٧-٦٨.
٢ سورة النساء آية: ٦٩.

<<  <   >  >>