للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالطاعة. قلت: ومطابقة الآية للترجمة ظاهر، لأن من دعا إلى التحاكم إلى غير ما أنزل الله، فقد أتى بأعظم الفساد. وفي الآية دليل على وجوب إطراح الرأي مع السنة، وإن ادعى صاحبه أنه مصلح، وأن دعوى الإصلاح ليس بعذر في ترك ما أنزل الله، والحذر من العجب بالرأي.

قال: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ... } ١.

قال ابن كثير: "ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله تعالى المشتمل على كل خير وعدل، الناهي عن كل شر إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، كما يحكم به التتار من السياسات المأخوذة عن جنكزخان الذي وضع لهم كتابًا مجموعًا من أحكام اقتبسها من شرائع شتى من الملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها عن مجرد نظره، فصار في بنيه شرعًا يقدمونه على الحكم بالكتاب والسنة، ومن فعل ذلك، فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير، قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} ٢ أي: يريدون. {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ٣ أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه، وآمن وأيقن، وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين، وأرحم بعباده من الوالدة بولدها فإنه تعالى العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء.

قلت وفي الآية إشارة إلى أن من ابتغى غير حكم الله ورسوله، فقد ابتغى حكم الجاهلية كائنًا ما كان.

[لا يؤمن العبد حتى يكون هواه تبعًا لما جاء به الرسول]

قال: عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به". قال النووي: حديث صحيح رويناه في كتاب "الحجة" بإسناد صحيح.


١ سورة المائدة آية: ٥٠.
٢ سورة المائدة آية: ٥٠.
٣ سورة المائدة آية: ٥٠.

<<  <   >  >>