للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ش: هذا الحديث رواه الشيخ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الشافعي في كتاب "الحجة على تارك المحجة" بإسناد صحيح كما قال المصنف عن النووي، وهو كتاب يتضمن ذكر أصول الدين على قواعد أهل الحديث والسنة. ورواه الطبراني وأبو بكر بن [أبي] عاصم، والحافظ أبو نعيم في "الأربعين" التي شرط في أولها أن تكون من صحاح الأخبار.

وقال ابن رجب: "تصحيح هذا الحديث بعيدًا جدًّا من وجوه ... " ذكرها، وتعقبه بعضهم.

قلت: ومعناه صحيح قطعًا وإن لم يصح إسناده. وأصله في القرآن كثير كقوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} ١.

وقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ٢. وقوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} ٣. وغير ذلك من الآيات، فلا يضر عدم صحة إسناده.

قوله: "لا يؤمن أحدكم"، أي: لا يحصل له الإيمان الواجب ولا يكون من أهله.

قوله: "حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به". قال بعضهم: هواه بالقصر، أي: ما يهواه، أي: تحبه نفسه وتميل إليه، ثم المعروف في استعمال الهوى عند الإطلاق أنه الميل إلى خلاف الحق ومنه {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ٤. وقد يطلق على الميل والمحبة ليشمل الميل للحق وغيره، وربما استعمل في محبة الحق خاصة، والانقياد إليه، كما في حديث صفوان بن عسال أنه سئل هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الهوى. الحديث.

قال ابن رجب: "أما معنى الحديث، فهو أن الإنسان لا يكون


١ سورة النساء آية: ٦٥.
٢ سورة الأحزاب آية: ٣٦.
٣ سورة القصص آية: ٥٠.
٤ سورة ص آية: ٢٦.

<<  <   >  >>