للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملائكة والرسل والصديقين، والأنبياء والشهداء والصالحين عمومًا. ولهذا كان علامة وجود حلاوة الإيمان "أن يحب المرء لا يحبه إلا لله" ١. وتحرم موالاة أعداء الله ومن يكرهه الله عمومًا، وبهذا يكون الدين كله لله. و "من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان". ومن كان حبه، وبغضه، وعطاؤه، ومنعه لهوى نفسه، كان ذلك نقصًا في إيمانه الواجب، فتجب عليه التوبة من ذلك، والرجوع إلى اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من تقديم محبة الله ورسوله، وما فيه رضا الله ورسوله على هوى النفس ومرادها. انتهى ملخصًا.

ومطابقة الحديث للباب ظاهرة من جهة أن الرجل لا يؤمن حتى يكون هواه تبعًا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء حتى في الحكم وغيره. فإذا حكم بحكم أو قضى بقضاء، فهو الحق الذي لا محيد للمؤمن عنه، ولا اختيار له بعده.

قال المصنف: وقال الشعبي: "كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد، عرف أنه لا يأخذ الرشوة، وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود، لعلمه أنهم يأخذون الرشوة، فاتفقا على أن يأتيا كاهنًا في جهينة فيتحاكما إليه فنَزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ... } ٢.

ش: هذا الأثر رواه ابن جرير، وابن المنذر بنحوه.

قوله: "كان بين رجل من المنافقين، ورجل من اليهود خصومة"، لم أقف على تسمية هذين الرجلين، وقد روى ابن إسحاق وابن المنذر، وابن أبي حاتم قال: كان الجلاس بن الصامت قبل توبته، ومعتب بن قشير، ورافع بن زيد وبشير، كانوا يدعون الإسلام، فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية فأنزل الله فيهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ... } ٣ الآية. فيحتمل أن يكون المنافق


١ أحمد (٥/٣٧٥) .
٢ سورة النساء آية: ٦٠.
٣ سورة النساء آية: ٦٠.

<<  <   >  >>