وما ذكره عن مالك في أحاديث الصفات ما أظنه يثبت عن مالك، وهل في أحاديث الصفات أكثر من آيات الصفات التي في القرآن؟ فهل يقول مالك أو غيره من علماء الإسلام: إن آيات الصفات لا تتلى على العوام، وما زال العلماء قديمًا وحديثًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم يقرؤون آيات الصفات، وأحاديثها بحضرة عوام المؤمنين وخواصهم، بل شرط الإيمان هو الإيمان بالله، وصفات كماله التي وصف بها نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فكيف يكتم ذلك عن عوام المؤمنين؟! بل نقول: من لم يؤمن بذلك فليس من المؤمنين، ومن وجد في قلبه حرجًا من ذلك، فهو من المنافقين.
ولكن هذا من بدع الجهمية وأتباعهم الذين ينفون صفات الرب تبارك وتعالى، فلما رووا أحاديث الصفات مبطلة لمذاهبهم، قامعة لبدعهم تواصوا بكتمانها عن عوام المؤمنين، لئلا يعلموا ضلالهم، وفساد اعتقادهم فاعلم ذلك.
وفي الأثر دليل على أنه إذا خشي ضرر من تحديث الناس ببعض ما يعرفون فلا ينبغي تحديثهم به، وليس ذلك على إطلاق، وإن كثيرًا من الدين والسنن يجهله الناس، فإذا حدثوا به كذبوا بذلك وأعظموه، فلا يترك العالم تحديثهم، بل يعلمهم برفق ويدعوهم بالتي هي أحسن.