للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكلتم، فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه شيئًا، وأخبر بذلك عمر بن الخطاب، فانطلق عمر إلى الرجل الذي قال ذلك، فأخذه بثوبه وخنقه، وقاده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: إنما كنا نخوض ونلعب".

قوله: "فقال له عوف بن مالك": كذبت ولكنك منافق. فيه المبادرة في الإنكار والشدة على المنافقين، وجواز وصف الرجل بالنفاق إذا قال أو فعل ما يدل عليه.

قوله: "لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم". فيه أن هذا وما أشبهه لا يكون غيبة ولا نميمة، بل هو من النصح لله ورسوله، فينبغي الفرق بين الغيبة والنميمة، وبين النصيحة لله ورسوله، فذكر أفعال المنافقين والفساق لولاة الأمور; ليزجروهم، ويقيموا عليهم أحكام الشريعة ليس من الغيبة والنميمة. انتهى.

قوله: "فوجد القرآن قد سبقه أي: جاءه الوحي من الله بما قالوه في هذه الآية {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} ١، وفيه دلالة على علم الله سبحانه، وعلى قدرته وإلهيته، وعلى أن محمدًا رسول الله.

قوله: "فجاء ذلك الرجل"، قد تقدم أنه ابن أبي كما رواه ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عمر، لكن ردّه ابن القيم٢ [بأن ابن أُبَيّ تخلف عن غزوة تبوك] .

وفي هذا الحديث من الفوائد:

أن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها أو عمل يعمل به، وأشدها خطرًا إرادات القلوب فهي كالبحر الذي لا ساحل له. ويفيد الخوف من النفاق الأكبر، فإن الله تعالى أثبت لهؤلاء


١ سورة التوبة آية: ٦٥.
٢ كان هنا في الأصل سقط استدركناه من "فتح المجيد" للشيخ عبد الرحمن ابن حسن آل الشيخ رحمهم الله تعالى.

<<  <   >  >>