للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مردويه: " كان فيمن تخلف من المنافقين بالمدينة وداعه بن ثابت أحد بني عمرو بن عوف، فقيل له: ما خلفك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الخوض واللعب، فأنزل الله فيه وفي أصحابه {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ... } ".

وسمى ابن عباس في رواية عند ابن مردويه منهم: وديعة بن ثابت ومخشي بن حمير، وأنهم قالوا: أتحسبون أن قتال بني الأصفر كقتال غيرهم، والله لكأنكم غدًا تفرون في الجبال. القصة بكمالها. فيحتمل أنهم قالوا ذلك كله، فإن المنافقين إذا خلوا إلى شياطينهم أخذوا في الاستهزاء بالله وآياته ورسوله والمؤمنين، فلا يبعد أنهم قالوا ذلك. فكل ذكر بعض كلامهم، والآية تعم ذلك.

وفي هذه الروايات ذكر أسماء القائلين لبعضهم ذلك، منهم: وديعة بن ثابت وقيل وداعة، وزيد ابن وديعة، ومخشي بن حمير الذي تاب الله عليه، لكنه لم يقل ذلك إنما حضره.

وفي بعض الروايات أن عبد الله بن أُبَيّ هو الذي قال ذلك، لكن ردّه ابن القيم١ بأن ابن أبي تخلف عن غزوة تبوك.

وذكر ابن إسحاق أسماء الذين هموا بالفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فعد جماعة، فيحتمل أنهم من المستهزئين، ويحتمل أنهم غيرهم. ولهذا قال تعالى في المستهزئين: {قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ٢ وفي الآخرين: {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ} ٣.

قوله: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء". القراء جمع قارئ وهم عند السلف الذين يقرؤون القرآن ويعرفون معانيه، أما قراءته من غير فهم لمعناه، فلا يوجد في ذلك العصر، وإنما حدث بعد ذلك من جملة البدع.

قوله: "أرغب بطونًا"، أي: أوسع بطونًا. الرغب والرغيب: الواسع يقال: جوف رغيب وواد رغيب يصفونهم بسعة البطون، وكثرة الأكل، كما روى أبو نعيم عن شريح بن عبيد "أن رجلاً قال لأبي الدرداء: ما بالكم أجبن منا وأبخل إذا سئلتم، وأعظم لقمًا إذا


١ كان هنا في الأصل سقط استدركناه من "فتح المجيد" للشيخ عبد الرحمن ابن حسن آل الشيخ رحمهم الله تعالى.
٢ سورة التوبة آية: ٦٦.
٣ سورة التوبة آية: ٧٤.

<<  <   >  >>