قال ابن القيم:"فهذا سؤال له، وتوسل إليه بحمده وأنه لا إله إلا هو المنان. فهو توسل إليه بأسمائه، وصفاته، وما أحق ذلك بالإجابة، وأعظمه موقعًا عند السؤال! وأعلم أن الدعاء بها أحد مراتب إحصائها الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة" ١ رواه البخاري، وغيره.
وهي ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها، وأسمائها، وعددها.
المرتبة الثانية: فهم معانيها، ومدلولها.
المرتبة الثالثة: دعاؤه بها كما في الآية، وهو نوعان:
دعاء ثناء وعبادة، ودعاء طلب ومسألة، فلا يثني عليه إلا بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، وكذا لا يسأل إلا بها. فلا يقال: يا موجود ويا شيء ويا ذات اغفر لي، بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيًا لذلك المطلوب. فيكون السائل متوسلاً إليه بذلك الاسم. ومن تأمل أدعية الرسل، لا سيما خاتمهم عليه وعليهم السلام، وجدها مطابقة لهذا كما تقول: رب اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. ولا يحسن: إنك أنت السميع العليم البصير، ولكن أسماؤه تعالى منها ما يطلق عليه مفردًا، وهو غالب الأسماء كالقدير، والسميع، والبصير، والحكيم. فهذا يسوغ أن يدعى به مفردًا، ومقترنًا بغيره. فتقول: يا عزيز، يا حكيم، يا قدير، يا سميع، يا بصير، وإن انفرد كل اسم. وكذلك في الثناء عليه، والخبر عنه. وبه يسوغ لك الإفراد والجمع.
ومنها ما لا يطلق عليه مفردًا، بل مقرونًا بمقابله. كالمانع، والضار، والمنتقم، والمذل، فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله، فإنه مقرون بالمعطي، والنافع، والعفو، والعزيز والمعز. فهو المعطي المانع، الضار النافع، المنتقم العفو، المعز المذل; لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذا بمقابله، لأنه يراد به أنه