للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"المنعم المتفضل السريع". وقال ابن حزم: جاءت في إحصائها أحاديث مضطربة، لا يصح منها شيء أصلاً، ونقل عنه أنه قال: صح عندي قريبًا من ثمانين اسما، اشتمل عليها الكتاب، والصحاح من الأخبار، فليطلب الباقي بطريق الاجتهاد.

وقال القرطبي في"شرح الأسماء الحسنى": العجب من ابن حزم ذكر من الأسماء الحسنى نيفًا وثمانين فقط، والله يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ١. ثم ساق ما ذكره ابن حزم. وفيه من الزيادة على ما تقدم "الرب الإله الأعلى الأكبر الأعز السيد السبوح الوتر المحسن الجميل الرفيق الدهر".

وقد عدها الحافظ فزاد "الخفي السريع الغالب العالم الحافظ المستعان". وفي هذا نظر يفهم مما تقدم، وإن كان قد ذكر بعضها فيما لا يثبت من الحديث، فهذه خمسة وستون ومائة اسم، أقربها من جهة الإسناد سياق الترمذي، وما عدا ذلك ففيه أسماء صحيحة ثابتة، وفي بعضها توقف، وبعضها خطأ محض، كالأبد والناظر والسامع والقائم والسريع، فهذه وإن ورد عدادها في بعض الأحاديث، فلا يصح ذلك أصلا.

وكذلك الدهر والفعال والفالق والمخرج والعالم، مع أن هذه لم ترد في شيء من الأحاديث إلا حديث "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر" ٢. وقد مضى معناه، وبينا خطأ ابن حزم في عده من الأسماء الحسنى هناك.

واعلم أن الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر، ولا تحد بعدد فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، ولا يعلمها ملك مقرب، ولا نبي مرسل، كما في الحديث الصحيح: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك" ٣. رواه أحمد وابن حبان في"صحيحه"وغيرهما.

وقال ابن القيم: "فجعل أسماءه ثلاثة أقسام: قسم سمى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه، وتعرف به


١ سورة الأنعام آية: ٣٨.
٢ البخاري: تفسير القرآن (٤٨٢٦) , ومسلم: الألفاظ من الأدب وغيرها (٢٢٤٦) , وأبو داود: الأدب (٥٢٧٤) , وأحمد (٢/٢٣٨ ,٢/٢٥٩ ,٢/٢٧٢ ,٢/٢٧٥ ,٢/٣١٨ ,٢/٣٩٤ ,٢/٣٩٥ ,٢/٤٩١ ,٢/٤٩٦ ,٢/٤٩٩ ,٢/٥٠٦) , ومالك: الجامع (١٨٤٦) .
٣ أحمد (١/٤٥٢) .

<<  <   >  >>