للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان معناه: اسم السلام عليكم، يدل عليه ما رواه أبو داود، عن ابن عمر أن رجلاً سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليه حتى استقبل الجدار، ثم تيمم ورد عليه وقال: "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر" ١. ففي هذا بيان أن السلام ذكر لله وإنما يكون ذكرًا إذا تضمنت اسمًا من أسمائه.

الثاني: أن السلام مصدر بمعنى السلامة، وهو المطلوب المدعو به عند التحية، لأنه ينكر بلا ألف ولام، فيجوز أن يقول المسلم: سلام عليكم، ولو كان اسمًا من أسمائه تعالى لم يستعمل كذلك، بل كان يطلق عليه معرفًا كما يطلق على سائر أسمائه الحسنى. فيقال: السلام، المؤمن، المهيمن، فإن التنكير لا يصرف اللفظ إلى معين، فضلاً عن أن يصرفه إلى الله وحده، بخلاف المعرف فإنه ينصرف إليه تعيينًا إذا ذكرت أسماؤه الحسنى. ويدل على ذلك عطف الرحمة والبركة عليه في قوله: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ولأنه لو كان اسمًا من أسمائه تعالى لم يستقم الكلام بالإضمار، وذلك خلاف الأصل ولا دليل عليه، ولأنه ليس المقصود من السلام هذا المعنى، وإنما المقصود منه الإيذان بالسلامة خبرًا ودعاء.

قال ابن القيم: "والصواب في مجموعهما أي: القولين، وذلك أن من دعا الله بأسمائه الحسنى يسأل في كل مطلوب ويتوسل إليه بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله، حتى كأن الداعي مستشفع إليه، متوسل به. فإذا قال: رب اغفر لي، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم الغفور، فقد سأله أمرين، وتوسل إليه باسمين من أسمائه، مقتضيين لحصول مطلوبه وهذا كثير جدًّا وإذا ثبت هذا فالمقام لما كان مقام٢ طلب السلامة التي هي أهم ما عند الرجل أتى في طلبها بصيغة اسم من أسمائه تعالى، وهو السلام الذي تطلب منه السلامة.


١ النسائي: الطهارة (٣٨) , وأبو داود: الطهارة (١٧) , وابن ماجه: الطهارة وسننها (٣٥٠) , وأحمد (٤/٣٤٥) , والدارمي: الاستئذان (٢٦٤١) .
٢ في الطبعة السابقة: هذا المقام لما كان طلب.

<<  <   >  >>