للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "لقد عذت بمعاذ، ألحقي بأهلك" ١. ولفظ أبي داود: "من استعاذكم بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه" ٢.

قوله:"ومن سأل بالله فأعطوه". وفي حديث ابن عباس عند أحمد وأبي داود: "ومن سألكم بوجه الله فأعطوه". ومعناه ظاهر، وهو أن يقول: أسألك بالله أو بوجه الله ونحو ذلك، أن تفعل أو تعطيني كذا، ويدخل في ذلك القسم عليه بالله أن يفعل كذا، وظاهر الحديث، وجوب إعطائه ما سأل ما لم يسأل إثمًا، أو قطيعة رحم. وقد جاء الوعيد على ذلك في عدة أحاديث، منها: حديث أبي موسى مرفوعًا: "ملعون من سئل بوجه الله، وملعون من يسأل بوجهه ثم منع سائله ما لم يسأل هجرًا". رواه الطبراني. قال في"تنبيه الغافلين": ورجال إسناده رجال الصحيح، إلا شيخه يحيى بن عثمان بن صالح، والأكثر على توثيقه، فإن بلغ هذا الإسناد أو إسناد غيره مبلغًا يحتج به كان ذلك من الكبائر.

وعن أبي عبيد مولى رفاعة بن رافع مرفوعًا "ملعون من سأل بوجه الله وملعون من سئل بوجه الله فمنع سائله". رواه الطبراني أيضًا. وعن ابن عباس مرفوعًا: "ألا أخبركم بشر الناس: رجل يُسأل بالله ولا يعطي" ٣. رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في"صحيحه". وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا أخبركم بشر البرية؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: الذي يُسأل بالله ولا يعطي" ٤. رواه أحمد.

إذا تبين هذا فهذه الأحاديث دالة على إجابة من سئل بالله أو أقسم به، ولكن قال شيخ الإسلام: إنما تجب على معين، فلا تجب على سائل يقسم على الناس، وظاهر كلام الفقهاء أن ذلك مستحب كإبرار القسم، والأول أصح.

قوله:"ومن دعاكم فأجيبوه". أي: من دعاكم إلى طعام فأجيبوه فإن كانت وليمة عرس وتوفرت الشروط المبينة في كتب الفقه وجبت الإجابة، وإن كان لغيرها استحب إجابتها، وتجب


١ البخاري: الطلاق (٥٢٥٤) , والنسائي: الطلاق (٣٤١٧) , وابن ماجه: الطلاق (٢٠٥٠) .
٢ النسائي: الزكاة (٢٥٦٧) , وأبو داود: الأدب (٥١٠٩) , وأحمد (٢/٦٨) .
٣ الترمذي: فضائل الجهاد (١٦٥٢) , والنسائي: الزكاة (٢٥٦٩) , ومالك: الجهاد (٩٧٦) , والدارمي: الجهاد (٢٣٩٥) .
٤ أحمد (٢/٣٩٦) .

<<  <   >  >>