للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مطلقًا وهو الصحيح لظاهر الأحاديث، وهي لم تفرق بين وليمة العرس وغيرها، وإن كانت وليمة العرس آكد وأوجب.

قوله:"ومن صنع إليكم معروفًا فكافؤوه". المعروف: اسم جامع لمخير.

وقوله:"فكافؤوه"، أي: على إحسانه بمثله أو خير منه، وقد أشار شيخ الإسلام إلى مشروعية المكافأة، لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، فهو إذا أحسن إليه ولم يكافئه يبقى في قلبه نوع تأله لمن أحسن إليه، فشرع قطع ذلك بالمكافأة، فهذا معنى كلامه. وقال غيره: إنما أمر بالمكافأة ليخلص القلب من إحسان الخلق ويتعلق بالحق. ولفظ أبي داود: "من أتى إليكم معروفًا ... " ١.

قوله:"فإن لم تجدوا ما تكافئوه". هكذا ثبت بحذف النون في خط المصنف، وهكذا هو في غيره من أصول الحديث. قال الطيبي: سقطت من غير ناصب ولا جازم، إما تخفيفًا أو سهوًا من الناسخ.

قوله:"فادعوا له ... " إلى إلخ يعني من أحسن إليكم أيَّ إحسان فكافئوه بمثله، فإن لم تقدروا فبالغوا في الدعاء له جهدكم حتى تحصل المسألة، ووجه المبالغة أنه رأى في نفسه تقصيرًا في المجازاة لعدم القدرة عليها، فأحالها إلى الله، ونعم المجازي هو، وهذا الحديث رواه أيضًا أحمد بإسناد صحيح، وابن حبان، والحاكم، وصححه النووي. وقد روى الترمذي وصححه النسائي وابن حبان عن أسامة بن زيد مرفوعًا: "من صنع إليكم معروفًا فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا فقد أبلغ في الثناء" ٢.


١ النسائي: الزكاة (٢٥٦٧) , وأبو داود: الزكاة (١٦٧٢) والأدب (٥١٠٩) , وأحمد (٢/٦٨) .
٢ الترمذي: البر والصلة (٢٠٣٥) .

<<  <   >  >>