للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حسن الظن ما يناسب كل اسم وصفة، لأن كل صفة لها عبودية خاصة، وحسن ظن خاص. وقد جاء الحديث القدسي، قال الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني" ١. رواه البخاري ومسلم. وعن جابر رضي الله عنه: "أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عزّ وجل" ٢. رواه مسلم وأبو داود. وفي حديث عند أبي داود وابن حبان: "حسن الظن من حسن العبادة" ٣. رواه الحاكم، ولفظهما: "حسن الظن بالله من حسن العبادة" ٤.

قوله: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} ٥. قال ابن القيم: ثم أخبر عن الكلام الذي صدر عن ظنهم الباطل وهو قولهم: {هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} ٦. وقولهم: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ٧. فليس مقصودهم بالكلمة الأولى والثانية إثبات القدر ورد الأمر كله لله، ولو كان مقصودهم لما ذموا عليه، ولما حسن الرد عليهم بقوله: {قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} ٨. ولا كان مصدر هذا الكلام ظن الجاهلية، ولهذا قال غير واحد من المفسرين: إن ظنهم الباطل ههنا هو التكذيب بالقدر، وظنهم أن الأمر لو كان إليهم لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه تبعًا لهم يسمعون منهم، لما أصابهم القتل، ولكان التصرف والظفر لهم، فكذبهم الله عزّ وجل في هذا الظن الباطل الذي هو ظن الجاهلية، وهو الظن المنسوب إلى أهل الجهل الذين يزعمون بعد نفاذ القضاء والقدر الذي لم يكن بد من نفاذه: أنهم كانوا قارين على دفعه وأن الأمر لو كان إليهم لما نفذ


١ البخاري: التوحيد (٧٤٠٥) , ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٧٥) , والترمذي: الزهد (٢٣٨٨) والدعوات (٣٦٠٣) , وابن ماجه: الأدب (٣٨٢٢) , وأحمد (٢/٢٥١ ,٢/٣٥٤ ,٢/٣٩١ ,٢/٤١٣ ,٢/٤٤٥ ,٢/٤٨٠ ,٢/٤٨٢ ,٢/٥١٥ ,٢/٥١٧ ,٢/٥٢٤ ,٢/٥٣٤) .
٢ مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٧٧) , وأبو داود: الجنائز (٣١١٣) , وابن ماجه: الزهد (٤١٦٧) , وأحمد (٣/٢٩٣ ,٣/٣١٥ ,٣/٣٢٥ ,٣/٣٣٠ ,٣/٣٣٤ ,٣/٣٩٠) .
٣ أبو داود: الأدب (٤٩٩٣) , وأحمد (٢/٤٠٧) .
٤ الترمذي: الدعوات (٣٩٧٠) , وأبو داود: الأدب (٤٩٩٣) , وأحمد (٢/٢٩٧ ,٢/٣٠٤ ,٢/٣٥٩ ,٢/٤٠٧) .
٥ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٦ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٧ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٨ سورة آل عمران آية: ١٥٤.

<<  <   >  >>