المبحث الأول: تعريفٌ مُختصر بصحيح مسلم الذي هو أصل الكتاب.
الإمام مسلم رحمه الله تعالى:
هو مسلم بن الحجاج القشيريّ النيسابوريّ، يُنسب إلى بني قُشَير، ولد - رحمه الله تعالى - في السنة التي تُوفِّيَ فيها إمامان عظيمان: الشافعي، وأبو داود الطيالسيّ، وذلك في السنة الرابعة بعد المائتين للهجرة. ووفاته - رحمه الله - بعد وفاة البخاري بنحو خمس سنين، فالبخاري تُوفِّيَ في سنة ست وخمسين ومائتين، ومسلم تُوفِّيَ في نحو سنة إحدى وستين ومائتين.
وعدد أحاديث "صحيح مسلم" نحو أربعة آلاف حديث، سوى المكرر، وبالمكرر يصل إلى اثني عشر ألف حديث تقريبًا، وقد مكث في تأليف هذا الكتاب خمس عشرة سنةً حسب ما قول تلميذه وقرينه أحمد بن سَلمة.
وقد أعجب كثيرٌ من أهل العلم بـ "صحيح مسلم" غاية الإعجاب، وذلك بسبب حُسن ترتيبه وتلخيصه لطرق الحديث بغير زيادةٍ ولا نقصان، واحترازه من التحول في الأسانيد عند اتفاقها من غير زيادة ولا نقصان، وتنبيهه على ألفاظ الرواة من اختلاف في متن أو إسناد ولو في حرف.
ولم يمزج حديث النبي صلى الله عليه وسلم بغيره، كما أنه رحمه الله يجمع طرق الحديث في مكانٍ واحد.
كما اعتنى بالطرق في ترتيبها، فنجد أنه يُقدم الطريق التي فيها أصحِّية، ويقدم الطريق التي فيها إجمال، ثم يردفها بالطريق المبينة لها، ويُقدّم الطريق المنسوخة ثم يأتي بعد ذلك بالطريق الناسخة (١).
(١) "صحيح مسلم " (١/ ٣)، و "النكت على كتاب ابن الصلاح" (١/ ٢٨٩)، (٢/ ٧١٦) و"سير أعلام النبلاء" (١٢/ ٥٧٥)، و"توضيح الأفكار" للصنعاني (١/ ٤١، ٤٤)، (١/ ٢٠٤)، و"صيانة صحيح مسلم" ص (١٠٤) , و"شرح علل الترمذي" لابن رجب (٢/ ٥٨).