للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(الفائدة الخامسة): تقوية الحديث بكثرة طرقه]

وهو إذا وجد حديثان متعارضان ولم يمكن الجمع بينهما نلجأ إلى الترجيح, ووجوه الترجيح كثيرة ذكرها الحازمي في كتابه " الاعتبار ... " ومنها كثرة الطرق، وهي مؤثرة في باب الرواية، لأنها تقرب مما يوجب العلم، وهو التواتر. (١)

مثال ذلك ما رواه مسلم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، سَمِعَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ:

(بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ) (٢).

* * *

وعند أبي عوانة: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَيَّارٍ (٣)، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ (٤) قَالَ: أنبا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يُحَدِّثُ حِينَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ (فَإِنِّي بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَاشْتَرَطَ عَلَيَّ النُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ). فَوَرَبِّ الْكَعْبَةِ إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ أَجْمَعِينَ. وَاسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ (٥).


(١) انظر: "صيانة صحيح مسلم" لابن الصلاح ص (٨٨)، و"تدريب الراوي" (١/ ١١٥).
(٢) أخرجه مسلم (٥٦).
(٣) هو إسحاق بن سَيَّار بن محمد أبو يعقوب النصيبِيُّ. نعته في "السير" بقوله: الإمام الحافظ الثبت. وفي"تاريخ الإسلام" بقوله: وكان من كبار العلماء. قال ابن أبي حاتم: كان صدوقًا ثقة.
ترجمته في: "تاريخ الإسلام" (٢٠/ ٣٠١)، و"سير أعلام النبلاء" (١٣/ ١٩٤).
(٤) هو عُبَيد الله بن موسى بن أَبي المختار، واسمه باذام العبسي، مولاهم أبو محمد الكوفي. نعته في "السير" بقوله: الإمام الحافظ العابد، وكان من حفَّاظ الحديث، مجوِّدًا للقرآن. وقال أبو حاتم: صدُوقٌ ثقة حَسَنُ الحديث، وأبو نعيم أتقنُ منه، وأبو عبيد الله أثبتهم في إسرائيل، كان يأتيه فيقرأ عليه القرآن. وقال في "التقريب": ثقة كان يتشيع (ع). توفي سنة ٢١٣ هـ.
ترجمته في: "تاريخ الإسلام" (١٥/ ٢٨٣)، و"سير أعلام النبلاء" (٩/ ٥٥٣)، و"تهذيب الكمال" (١٩/ ١٦٤)، و"تهذيب التهذيب" (٧/ ٥٠)، و"التقريب" ص (٣٧٥)، و"هدي الساري" ص (٤٢٣) و (٤٦٠).
(٥) أخرجه أبو عَوانة (١٠٦).

<<  <   >  >>