للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* * *

وفي رواية أبي عوانة: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ (١)، مَرَّةً مِنْ حِفْظِهِ، قثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ (٢) قثنا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، قثنا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ، قَالَ:

لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا شَدِيدًا فَانْكَفَأْتُ إِلَى أَهْلِي، فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا شَدِيدًا فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ امْرَأَتِي مُدًّا مِنْ شَعِيرٍ، فَطَحَنْتُهُ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ، فَذَبَحَتْهَا، وَقَطَّعَتْهَا فِي بُرْمَتِهَا، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي، فَقُلْتُ: حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْعُوهُ، فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَصَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ عَمِلَ سُورًا فَهَلُمَّ هَلَّا بِكُمْ»، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «يَا جَابِرُ، لَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ، وَلَا تَطْبُخُنَّ قِدْرَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ" فَجِئْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَأَخْبَرْتُهَا، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ، وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْرَجْنَا لَهُ عَجِينًا فَبَصَقَ فِيهِ، وَبَارَكَ، وَأَخْرَجْنَا لَهُ قِدْرَنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِي: «هَلُمِّي خَابِزَةً تَخْبِزُ مَعَكِ»، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «يَا جَابِرُ أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشْرَةً عَشْرَةً»، فَجَعَلْنَا نَقْدَحُ لَهُمْ مِنْ قِدْرِنَا فَيَأْكُلُونَ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَشْرَةً حَتَّى أَكَلُوا جَمِيعًا وَهُمْ أَرْبَعُمِائَةٍ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَإِنَّ قِدْرَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ وَإِنَّ عَجِينَتَنَا لَتُخْبَزُ كَمَا هِيَ. قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: قَالَ لِي الْعَبَّاسُ: جَاءَنِي أَبُو الدَّرْدَاءِ الْمَرْوَزِيُّ فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ تُمْلِيَهُ عَلَيَّ فَأَمْلَيْتُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: «قُومُوا فَإِنَّ جَابِرًا صَنَعَ سُورًا» (٣).

فبين رحمه الله أن لفظة سورًا هي لفظة (فارسية) معناها: طعامًا يدعو الناس إليه، وهي لفظة غريبة وردَت في الحديث.

* * *


(١) هو عَبَّاس بن مُحَمَّد بن حاتم بن واقد الدوري، أَبُو الفضل البغدادي، مولى بَنِي هاشم. نعته في "السير" بقوله: الإمام الحافظ الثقة النَّاقد، أحد الأثبات المصنِّفِين. قال أبو حاتم وابنه: صدوق. وقال النسائي ومسلمة: ثقة. وقال الخليلي في "الإرشاد": متفق عليه. يعني على عدالته. وقال في "التقريب": ثقة حافظ. تُوفِّي سنة ٢٧١.
ترجمته في: "سير أعلام النبلاء" (١٢/ ٥٢٢)، و"تهذيب الكمال" (١٤/ ٢٤٥)، و"تهذيب التهذيب" (٥/ ١٢٩).
(٢) هو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم بن الضحاك الشيباني، أبو عاصم النبيل البَصْرِيّ. نعته في "السير" بقوله: الإِمَامُ الحَافِظُ شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ الأَثْبَاتِ. وقال في "التقريب": ثقة ثبت (ع). تُوفِّي سنة ٢١٢ أو بعدها بقليل.
ترجمته في: "سير أعلام النبلاء" (٩/ ٤٨٠)، و"تهذيب الكمال" (١٣/ ٢٨١)، و"تهذيب التهذيب" (٤/ ٤٥٠).
(٣) أخرجه (٦٩٤٢). قال النووي في شرح مسلم: وقد تظاهرت أحاديث صحيحة بأن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بألفاظ غير العربية، فيدل على جوازه. وانظر" الديباج على صحيح مسلم"للسيوطي (٥/ ٨٤).

<<  <   >  >>