للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

مُقدّمة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلن تجدَ له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصَح الأمة، وجاهَد في الله حقَّ جِهاده حتى أتاه اليقين، ورضي الله تعالى عن الصحابة الأعلام، وأتباعه الذين قعَّدُوا للسنة وكائد، وحفظوها وحافظوا عليها من الأقارب والأباعد، وبذلوا في تحقيق ذلك كلَّ نفيس من كلّ كريم وماجد، فجزاهم الله خيراً عن الأمة والإسلام، ورزقنا السير على منهاجهم، لبلوغ المرام، أما بعد:

فإن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد كتاب الله، فهي موضّحة لأحكام القرآن، ومبيّنة لمعانيه، وقد بدأ بجمع السنة النبوية بشكل رسميٍّ من قِبل الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، وذلك في آخر القرن الأول الهجري، أو أوّل الثاني؛ امتثالاً لِمَا جاء في السنة النبوية من الحث على جمع السنة وطلب الحديث وفضل أهله، قال رسول الله صلى عليه وسلم: «أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاة» (١).


(١) أخرجه الترمذي، في أبواب الوتر، باب: ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (٤٨٤) وقال: هذا حديث حسن غريب، والبخاري في تاريخه (٥/ ١٧٧) (٥٥٩)، والبغوي في "شرح السنة" (٣/ ١٩٦) (٦٨٦) وقال: هذا حديث حسن غريب، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" ص (٣٤) وذكره العجلوني في "كشف الخفاء" ص (٢٦٧)، ومن قبله السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص (٢٢١) وقال: وفي سنده موسى بن يعقوب الزمعي، وقد تفرد به فيما قاله الدارقطني مع الاختلاف عليه فيه، فقيل عن عبد اللَّه بن شداد عن ابن مسعود بلا واسطة، وهي رواية الترمذي والبخاري في تاريخه الكبير، وابن أبي عاصم وآخرين. وقيل: بإثبات أبيه بينهما. وهي رواية أبي بكر بن أبي شيبة، ومن طريقه ابن حِبان في "صحيحه"، وأبو نُعيم، وابن بشكوال، وآخرون. وهي أكثر وأشهر، والزمعي قال فيه النسائي: إنه ليس بالقوي لكن وثّقه ابن معين فحسبُك به، وكذا وثقه أبو داود، وابن حبان، وابن عَدي، وجماعة، وأشار البخاري في تاريخه إلى أن الزمعي رواه عن ابن كيسان. عن عتبة بن عبد اللَّه عن ابن مسعود. وفيه منقبة لأهل الحديث، فإنهم أكثرُ الناس صلاة عليه.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١١/ ١٦٧): حسّنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وللحديث شاهد من حديث أبي أمامة بلفظ: «صلاة أمتي تعرض علي كل جمعة، فمن كان أكثرهم علي صلاةً كان أقربهم مني منزلة». أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" ولا بأس بسنده. والحديث في السنن الكبرى (٣/ ٢٤٩) (٦٢٠٨)، و"شعب الإيمان" (٣/ ١٦٤٢). وقال الألباني: حسنٌ لغيره، وقال: رواه البيهقي بإسناد حسن إلا أنّ مكحولًا قيل لم يسمع من أبي أمامة. "صحيح الترغيب" (١٦٦٨).

 >  >>