وأَعْجَبُ من ذلك إطلاقُ كثيرٍ مِن الشافعية القولَ بقبولِ زيادةِ الثقة، مع أن نَصَّ الشافعي يدل على غير ذلك، فإنه قال -في أثناء كلامه على ما يُعْتَبَرُ به حالُ الراوي في الضبط ما نصه-: ويكونَ إذا شَرِكَ أحداً مِن الحُفَّاظِ لم يخالِفْه، فإنْ خالفه فَوُجِد حديثُه أَنقصَ كان في ذلك دليلٌ على صحة مَخْرَجِ حديثه. ومتى خالف ما وَصفتُ أضَرّ ذلك بحديثه، انتهى كلامه.
ومقتضاه أنه إذا خالف فوُجِد حديثُهُ أَزْيَدَ أَضرَّ ذلك بحديثه، فدل على أن زيادة العدل عنده لا يلزم قبولها مطلقاً، وإنما تُقبَلُ من الحفاظ، فإنه اعْتَبَرَ أن يكون حديثُ هذا المخالف أنقصَ مِن حديث مَنْ خَالفه مِنَ الحُفّاظ، وجَعَلَ نقصانَ هذا الراوي مِن الحديث دليلاً على صحته؛ لأنه يدل على تحرّيه، وجَعَلَ ما عدا ذلك مضراً بحديثه، فدخلتْ فيه الزيادة، فلو كانت عنده مقبولةً مطلقاً لم تكن مضِرّةً بحديثِ صاحبها.