للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ: «لَمْ يَتَغَنَّ» التَّغَنِّي وَالِاسْتِغْنَاءُ وَالتَّعَفُّفُ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ، وَاسْتِئْكَالِهِمْ بِالْقُرْآنِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِهِ بِحَمْلِهِ الْقُرْآنَ غَنِيًّا، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمَالِ مُعْدَمًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَأَذَنِهِ، يَعْنِي: مَا اسْتَمَعَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَاسْتِمَاعِهِ لِنَبِيٍّ، وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: ٢] قَالَ: اسْتَمَعْتُ يُقَالُ أَذِنْتُ لِلشَّيْءِ أَذِنَ لَهُ أَذِنَا، يَذْهَبُ بِهِ إِلَى الْإِذْنِ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ، وَلَيْسَ لِهَذَا وَجْهٌ، وَكَيْفَ يَكُونُ إِذْنُهُ فِي هَذَا أَكْثَرَ مِنْ إِذْنِهِ فِي غَيْرِهِ، وَالَّذِي أَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ طَاعَتِهِ وَالْإِبْلَاغِ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ الْإِذْنِ فِي قِرَاءَةٍ يَجْهَرُ بِهَا، وَقَوْلُهُ: «يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ» عِنْدَنَا تَحْزِينُ الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» فَلَيْسَ مِنْ هَذَا إِنَّمَا هُوَ الِاسْتِغْنَاءُ (١).

فذكر أبو عوانة في مسنده قول أبي عُبيد المراد من قوله: «لَمْ يَتَغَنَّ» في الحديث.

* * *


(١) أخرجه أبو عوانة، مبتدأ فضائل القرآن، باب: ذكر الخبر المبيح للقارئ أن يَتَغَنَّى بالقرآن إذا كان حسن الصَّوت، ويجهر به ويحبر ويرجع، والدّليل على أنَّ السُّنَّة في رفع الصوت بالقراءة وتحزينه إذا كان القارئُ حسن الصوت وعلى أنه له فعل هذه لغيره، وبيان نفي إتِّباع النَّبِيِّ عَمَّن لم يَتَغَنَّ بالقرآن (٣٨٧١).

<<  <   >  >>