إذا كان " بنيامين " نسب إلى السرقة، فأي وجه لخلاص يرجى.
رؤي " عمر " بعد موته باثنتي عشرة سنة فقال: الآن تخلصت من حسابي واعجبا أقيم للحساب أكثر من سني الولاية، أفينتبه بهذا راقد الهوى؟.
يا متلطخا بأقذار الظلم، بادر الغسل من مد العوافي قبل أن يجزرك، لا يغرنك عيش أحلى من العسل، فالمحاسبة أمر من العلقم، ستعلم أيها الغريم قدر عزيمك.
إذ يلتقي كل ذي دين وماطله الحجر المغصوب في البناء أساس الخراب، ليت الحلال سلم، فكيف الحرام؟ كان لبان يخلط اللبن بالماء، فجاء سيل فأهلك الغنم، فجعل يبكي ويقول: اجتمعت تلك القطرات فصارت سيلا.
ولسان الجزاء يناديه " يداك أوكتا وفوك نفخ ".
كم بكت في تنعم الظالم عين أرملة، واحترقت كبد يتيم؟ (وَلَتَعلُمَنّ نَبَأَهُ بَعدَ حين) واعجبا من الظلمة كيف ينسون طي الأيام سالف الجبابرة، وما بلغوا معشار ما آتيناهم، أما شاهدوا مآلهم؟ (فَكُلاً أَخَذنا بِذَنبِهِ) أما رحلوا عن أكوار الندم؟ (فَما بَكَت عَلَيهِم السَماءُ والأرض) أما صاح هاتف الإنذار؟ (كَما تَرَكوا مِن جَناتٍ وَعُيون) واعجبا للمغترين (وَقَد خَلَت مِن قَبلِهِم المَثُلات) أما يكفيهم من الزواجر (وَتَبَينَ لَكُم كَيف فَعَلنا بِهِم) من لهم إذا طلبوا وقت العود؟ (فَحِيلَ بَينَهُم وَبَينَ ما يَشتَهون) كم دار بنعم النعم دارت عليها دوائر النقم؟ (فَجَعلناها حَصيدا) ؟ يا معاشر الظلمة: " سليمان " الحكم قد حبس " آصف " العقوبة في سجن (فَلا تَعجَل عَلَيهِم) وأجرى الرجاء (لِئَلا يَكونَ لِلناسِ عَلى اللَهِ حُجة) فلو ذهبت سموم الجزاء من مهب (وَلَئِن مَسَتهُم نَفحَةٌ) لقلعت سكر (إِنّما نُملي لَهُم) (فَلا يَستَطيعونَ تَوصية) .
فالحذر الحذر (أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتى) (وَلاتَ حينَ مَناص) أبقي في قوس الزجر منزع (أَفَنضرِبُ عَنكُمُ الذِكرَ صَفحاً) .
سفينة التقى تحتاج إلى إحكام تام، ولليم منافذ صغار في الدسر، فاحكم تلك البقاع بقار الورع، هيهات قد خرقتها بالكبائر، وما تتنبه لما صنعت حتى يصيح " نوح " الأسى (لا عاصِمَ) يا هؤلاء: فتعاش العدل إذا لم ينتزع شوك الظلم أثر ما لم يؤمن تعديه إلى القلب، لا تعربوا في سكر القدرة، فصاحب الشرطة بالمرصا.
ويحكم، لا تحتقروا دعاء المظلوم، فشرار نار قلبه محمول بريح دعائه إلى سقف بيت الظالم، نباله تصيب، نبله غريب، قوسه حرقه، وتره قلهه، مرماته هدف، (لأَنصُرَنّكَ وَلَو بَعدَ حين) سهم سهمه الإصابة.
وقد رأيت وفي الأيام تجريب
[الفصل العاشر]
[العمل للآخرة]
إخواني ارفضوا الدنيا فقد رفضت من كان أشغف بها منكم، اتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم، الدنيا خمر ساعدها تغريد طائر الطبع فاشتد سكر الشاربن ففات موسم الريح، ثم بعد الإفاقة يقام الحد، فيقيم قائم الحزن، ويكفي في الضرب فوت الخير فإذا ماتوا انتبهوا.
ويحك، إن الموت سحاب، والشيب وبله، ومن بلغ السبعين اشتكى من غير علة، والعاقل من أصبح على وجل من قرب الأجل، يا هذا: الدنيا وراءك، والأخرى أمامك، والطلب لما وراء هزيمة، وإنما العزيمة في الإقدام، جاء طوفان الموت فاركب سفن التقى، ولا ترافق " كنعان " الأمل، ويحك، انتبه لإغتنام عمرك، فكم يعيش الحيوان حيران؟.
الأسقام تزعج الأبدان فلا بد من النحول ضرورة، كأنك بك في لحدك على فراش الندم، وإنه والله لأخشن من الجندل، فازرع في ربيع حياتك قبل جدوبة أرض شخصك، وادخر من وقت قدرتك قبل زمان عجزك، وأعتد رحلك قبل رحيلك مخافة الفقر في القفر إلى الأزم، الحذار الحذار (أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتى) .
الحازم يتزود لما به، قبل أن يصير لمآبه، شجرة الحزم أصلها إحكام النظر، وفروعها المشاورة في المشكل، وثمرتها انتهاز الفرص، وكفى بذهاب الفرصة ندما.
وَكَم فُرصَةٍ فاتَت فَأَصبَحَ رَبُّها ... يَعُضُ عَلَيها الكَفَّ أَو يَقرَع السَّنا
واعجبا؟ لمضيع العمر في التواني، فإذا جاء متقاضي الروح قال (إِنّي تُبتُ الآن) (وَأَنَى لَهُم التَناوُش مِن مَكانٍ بَعيد) .