واعلم أن كتاب الله نص صريح أن الطلاق الثلاث واحدةٌ شرعاً، لا يحتمل خلافاً صحيحاً، وهذا هو النص شرعاً، فإن كل كلام له معنى لا يحتمل غيره، فهو نص فيه، فإن كان لا يحتمل غيره لغة، فهو نص لغة، وإن كان لا يحتمل غيره شرعاً، فهو نص شرعاً، وكتاب الله في هذه الآيات لا يحتمل شرعاً غير أن الطلاق الثلاث واحدة.
ومن تصور هذه الأحكام وفهمها، عرف موارد الشرع ومصادره، وكل واحد من هذه الدلائل السبعة على انفراده حجة، وهي: الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة، ومقتضى القياس، والاعتبار الصحيح، وقواعد المذاهب، ولغة العرب، وقد دلت عليه السبعة، وقد قال الله -تعالى- أيضاً:{وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ}، وقد قال الله -عز وجل-: {فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر}، معناه: وإلا فلستم بمؤمنين حقاً، والألف واللام في قوله:{الطلاق مرتان} للعهد، والمعهود هنا هو الطلاق المفهوم من قوله:{والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروءٍ}، وهو الرجعي بقوله تعالى:{وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}، فصار المعنى: الطلاق الذي الزوج أحق فيه بالرد مرتان فقط، فقد تقيد الرد الذي كان مطلقاً، في كل مرة من الطلاق بمرتين منه فقط، فلم يعرف، ولا فرق في الآية بين قوله في كل مرة: طلقتك واحدة، أو ثلاثاً، أو ثلاثين ألف.
فمن تصور معاني هذه الأحكام من الألفاظ، وأراد الله هدايته، علم أن لله نصاً صريحاً شرعاً في أن الطلاق الثلاث واحدة؛ لأن هذه الآيات لا تحتمل شرعاً غير ذلك عند من يفهم النص الشرعي، وينصف فيه، ويريد الله هدايته إلى قبول الحق، وينزع من قلبه الهوى والحمية في الانتصار للمذاهب، أو على ابن تيمية. وكتاب الله في هذه الآيات شرعاً