للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمصالح الدنيا، وأخرى أخرويَّة، من الدلالة على الله - عز وجل - وصفاته التي ينتفع بها العبد المنيب (١).

"وفيه إشارةٌ إلى أن الوصول إلى مقام التَّبصرة إنما هو بالعُبوديَّة، والإنابة" (٢)، ففي الآية "تشريفٌ لجميع المؤمنين وبيانٌ لفضلهم إذ لا يخلون من تبصُّر وتذكُّر بتلك الأفعال على تفاوُتٍ بينهم في ذلك ... ، وتعريضٌ بإهمال الكافرين التبصُّرَ والتذكر" (٣).

وفي هذا دلالة على "اعتبار من لا ينتفع بالشيء، عادمًا له" (٤)،

وفي هذا ما يؤكد على أنه ينبغي للمؤمن أن يتفكر في مخلوقات الله ويتأمل دقيق صنعه؛ لأنَّه "كُلَّما كَرَّر شَهِد المتفكِّرُ المتأمِّلُ آياتِ الله في الكون، تعلَّم منها أشياء جديدة، وزادته معرفة بحقائق عن خالقها ومبدعها" (٥)، وعلم يقينًا أنه ما خُلق عبثًا، بل لأجل حكمة جليلة وغاية سامية، وعلم أنه محاسب على أعماله، وأنه لا بد من جزاء وحساب.

{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} (٦): هذه الآيات واردةٌ في دفع استحالة البَعْث وإظهار تقريبه (٧)، بذِكر "أبهر الآيات وأدلها عليه، والتي


(١). انظر: معارج التفكر، للميداني (٣/ ٦٣).
(٢). روح البيان، للخلوتي (٩/ ١٠٧).
(٣). التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٦/ ٢٩١).
(٤). نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، للبقاعي (١٨/ ٤١١).
(٥). معارج التفكر، للميداني (٣/ ٤١).
(٦). انظر: الفوائد، لابن القيم (ص ٩ - ١٠)، ونظم الدرر في تناسب الآيات والسور (١٨/ ٤١٤)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٦/ ٢٩٢)، ومعارج التفكر، للميداني (٣/ ٤٢).
(٧). انظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٦/ ٢٩٥).

<<  <   >  >>