قد حرت في حالٍ لديك ولستُ من ... أهلِ الكلام أحارُ في الأحوالِ
وأجلتُ فكري في وشاحك فانثنى ... شوقاً إليك يجول في جوَّالِ
أنصفْتَ غصنَ البانِ إذ لم تدعُهُ ... لَتأَوّدٍ مع عطفكَ الميَّالِ
ورحمْتَ دُرَّ العقدِ حين وضعته ... متوارياً عن ثغركَ المتلالي
كيف اللقاء وفِعلُ وعدكَ سينهُ ... أبداً تخلِّصهُ للاستقبالِ
وكُماةُ قومكَ نارهُمْ ووقودها ... للطَّارقينَ أسِنَّةٌ وعَوالِ
وقال من قصيدة أنشدنيها بإشبيلية، إثر نُزهة جمعتنا بخارجها، صدر سنة سبع عشرة وستمائة، وأنا اقترحت وصفها عليه، وأولها:
لو غيرُ طرفِكَ مَوْهِناً يأتيني ... ما كانَ في عَقب الصِّبا يُصبيني
وافَى وقد هجعَ الخليطُ فبات في ... ثَوب الدُّجى أُدْنيه أو يُدنيني
ومنها في الوصف المقترح:
يا حِمصُ إنك في البلاد فريدةٌ ... ببديعِ حسنٍ جلَّ عن تحسينِ
أحبِب بنهرِك حينَ يزخَر مدُّه ... فيروقُ منه تحرُّكٌ كسُكونِ
ويعودُهُ الجَزر الَّذي يُبقي على ... شطَّيه حِجراً دونه للطِّينِ
مثل الخريدةِ إن تقلَّص ثوبها ... خجِلت لشيءٍ تحته مَدْفونِ
فكأنَّما هو عاشقٌ ذو زَفْرة ... تعتاده في الحِين بعد الحينِ
أو مثل مُمتلئِ الجوانح والحشا ... غيظاً طواه الحلمُ بالتَّسكينِ
وتخالُ ما نثرتْ به أيدي الصَّبا ... حَلَقَ المُضاعفِ نسجُهُ المَوْضونِ
تجري به أسرابُ طيرٍ آثَروا ... فيها المجازَ فسُمِّيت بسَفينِ
يا حسنَها من ذاتِ أجنحةٍ لها ... عملٌ يَبَذُّ جناحَيِ الشَّاهينِ
تَثني الجَموحَ فلا يَريمُ مكانَه ... منها وتَرجعُ صوتَ كلِّ حَرونِ
من كُل دهماءِ الأديم ترى بها ... منها بنفسَجَةً على نَسْرينِ
عُطفتْ وأُرهفَ جسمُها فكأنَّها ... قمرٌ إذا ما عاد كالعُرْجونِ