جُلنا بها في النَّهرِ نَرتع للمُنى ... ما بين أصنافٍ لها وفُنونِ
ولربما رُعنا بنيه بغارةٍ ... تركتْ مَصونَ حِماه غيرَ مَصونِ
تَحكي إذا ما أبرزت حركاتِها ... فعلَ النَّزيف يَنوء دون مُعينِ
قد قَوَّستها مِيتةٌ لا كبرةٌ ... فانظُر إلى ألِفٍ تعودُ كنونِ
حتَّى بلغنا شَنْتبوس ويا له ... من مشهدٍ بهوَى النفوسِ قَمينِ
حيثُ القصورُ البيضُ يُرمقُ حُسنها ... فيكونُ قيدَ نواظرٍ وعُيونِ
بَهرتْ جمالاً في الدُّجى حتَّى ترى ... معها عمودَ الصُّبح غيرَ مُبينِ
فهي النجومُ بل البدورُ لأنَّها ... تزدادُ حُسناً في اللَّيالي الجُونِ
قد أُلِّفَتْ أجزاؤها فتناسبتْ ... كتناسبِ النَّغماتِ في التَّلحينِ
طابَ الزمانُ بها فما نيسانها ... أندَى ندًى من آبَ أو كانونِ
فسقَى العروسَ مع الخليج حيالَهُ ... صوبٌ بريّ رُبوعها يُرضيني
فلقد مضتْ لي ثَمَّ ساعةُ لذَّةٍ ... عن ذكر لذَّات الأُلى تُسليني
وجنيتُ من ثَمر المُنى ما شئتُه ... وأخذتُ منه فوق ما يكفيني
في فتيةٍ ظفرتْ يدايَ بقُرْبهم ... بأجلِّ عِلقٍ في الزَّمان ثَمين
ما منهمُ إلاَّ صَريحُ مَودَّةٍ ... أُصْفيه منها مثلَ ما يُصفيني
أخذُوا بأطرافِ الحديثِ فَشَعْشَعوا ... منها كُؤوساً حَثُّها يُحييني
وتذاكروا أخبارَ سيِّدنا فقُلْ ... جَلبوا فَتِيق المسكِ من دَارينِ
وقال يصف مثلها بنهر جزيرة شُقر، وأنشدنيه:
خذْ في حَديثك إنَّ وصفك يُطربُ ... عن يومِ أُنسٍ ذكرُهُ مُستعذبُ
واطلبْ إعادته منَ الأيَّامِ إنْ ... سمحتْ بذا وأظُنُّ ذلك يَصْعب
يومٌ أرانا الحسنَ في النَّهر الَّذي ... قد طاب منه موردٌ أو مَشْرب