أهفو ارتياحاً للنَّسيم إذا سرى ... إنَّ الغريقَ بما يرى يتعلَّقُ
وله يخاطب العراقيّ، وقد بعث إليه في جزء من كتاب " الجدل " يقتضيه، إثر ما ولي شغل الخزانة بمراكش:
تقلَّدتَ من شُغل الخزانةِ خُطّةً ... تقلُّدُها بالفضلِ والعلم لائقُ
وأرسلتَ عن جُزء كحرفٍ بمُهْرَقٍ ... وقد جُمعتْ في راحتيكَ المَهارقُ
فيا مَن له تسعٌ وتسعون نَعجةً ... أفي سَخلةٍ عَجفاءَ أنت تُضايقُ
ومن قصيدة أيضاً في تغلُّب الروم على بلنسية:
ما بال دمعك لا يني مدرارهُ ... أم ما لقلبك لا يقرُّ قرارهُ
أللوعةٍ بين الضلوع لظاعنٍ ... سارت ركائبهُ وشطَّتْ دارهُ
أم للشبابِ تقاذفَتْ أوطانهُ ... بعد الدنوّ وأخفقتْ أوطارهُ
أم للزمانِ أتى بخطبٍ فادحٍ ... من مثل حادثة خَلَتْ أعصاِرهُ
بحرٌ من الأحزانِ عبَّ عبابُهُ ... وارتجَّ ما بين الحشا زخَّارهُ
في كلِّ قلبٍ منه وجدٌ عنده ... أسفٌ طويلٌ ليس تخبو نارهُ
أمَّا بلَنْسيةٌ فمَثْوى كافرٍ ... حَفَّت به في عُقرها كُفَّارهُ
زرعٌ من المَكروهِ حلَّ حصادُهُ ... بيدِ العدوِّ غداةَ لجَّ حِصارهُ
وعزيمةٌ للشِّرك جَعْجَع بالهُدى ... أنصارُها إذ خانه أنصارهُ
قلْ كيف تثبتُ بعد تمزيق العِدا ... آثارُهُ أو كيف يُدرَك ثارهُ
ما كانَ ذاك المِصْر إلاَّ جنَّةً ... للحسنِ تَجري تحتها أنهارهُ
طابتْ بطِيبِ نهارِهِ آصالُهُ ... وتعطَّرتْ بنَسيمه أسحارهُ
وتألقتْ أوقاتُهُ وتفيَّحتْ ... أرجاؤُهُ وتفتَّحتْ أنوارهُ
أمَّا السّرار فقد عَراه وهل سوى ... قَمرِ السَّماء يَزول عنه سرارهُ