ولكن إذا التفتنا إلى عادة الشرع، علمنا قطعا أنه ليس يتغير حكم الرق والعتق بالذكورة والأنوثة، كما لا يتغير بالسواد والبياض، والطول والقصر، والزمان والمكان وأمثالها.
الخامس: هو الرابع بعينه، غلا أن ما فيه الإفتراق لا يعلم يقينا أنه لا مدخل له في الحكم، بل يظن ظنا ظاهرا، وذلك كقياسنا إضافة العتق إلى جزء معين على إضافته إلى نصف شائع، وقياس الطلاق المضاف إلى جزء معين على المضاف، إلى نصف شائع فأنا نقول: السبب هو السبب، والحكم هو الحكم، والإجتماع شامل إلا في شيء واحد هو أن هذا معين مشار إليه، وذلك شائع. وإذا كان التصرف لا يقتصر على المضاف إليه، فيبعد أن يكون لا مكان الإشارة وعدمه مدخل في هذا الحكم، وهذا ظن ظاهر ولكن خلافه ممكن؛ فإن الشرع جعل الجزء الشائع. محلا لبعض التصرفات، ولم يجعل المعين محلا أصلا، فلا بعد في أن يجعل ما هو محل لبعض التصرفات محلا لإضافة هذا التصرف، فصار النظر بهذا الإحتمال ظنيا.
وقد اختلف المجتهدون في قبول ذلك، وعندي أن في هذا الجنس ما يجوز الحكم به، ولكن يتطرق إلى مبالغ الظن، الحاصل منه تفاوت غير محدود ولا محصور، ويختلف بالوقائع والأحكام، والأمر موكول إلى المجتهد، فإن من غلب أحد ظنيه جاز له الحكم به.
السادس: أن يكون المعنى الجامع أمرا معينا متحدا، وما فيه الإفتراق أيضا أمرا معينا أو أمورا معينة، ولم يكن للجامع مناسبة وتأثير، إلا أنه إن كان الجامع موهما أن المعنى المصلحي - الخفي، الملحوظ بعين الإعتبار من جهة الشرع، مودع في طيه، وإنطواؤه على ذلك المعنى، الذي هو المقتضي للحكم عند الله، أغلب من إحتواء المعنى الذي فيه المفارقة، كان الحكم بالإشتراك لذلك أولى من الحكم بالإفتراق.