مثاله قولنا: الوضوء طهارة حكمية عن حدث، فتفتقر إلى النية كالتيمم، فقد اشتركا في هذا وافترقا في أن ذاك طهارة بالماء دون التيمم، وتشبهه إزالة النجاسة. وقولنا: ظهارة حكمية جمع التيمم وأخرج إزالة النجاسة. ونحن نقول: المقتضي للنية في علم الله تعالى معنى خفي عنا، ومقارنته بكونه طهارة حكمية يعتد به موجبا في حال موجبها، أغلب من كونه مقرونا بكونه طهارة بالتراب، فيصير إلحاق الوضوء به أغلب على الظن من قطعة عنه؛ وهذا أيضا مما اختلف فيه.
والرأي عندنا أن ذلك مما يتصور أن يفيد رجحان ظن على ظن، فهو موكول إلى المجتهد. ولم يبن لنا من سيرة الصحابة، في إلحاق غير المنصوص بالمنصوص، إلا إعتبار أغلب الظنون. ولا ضوابط بعد ذلك في تفصيل مدارك الظنون، بل كل مايضبط به تحكم، وربما يغلط في نصرة هذا الجنس فيقال: الوضوء قربة، ويذكر وجه مناسبة القربة للنية، وهو ترك لهذا الطريق بالعدول إلى الإضافة.
وربما يغلط في نصرة جانبهم فيقال: هذه طهارة بالماء والماء مطهر بنفسه، كما أنه مروي بنفسه، ويدعى مناسبة فيكون عدولا عن الفرق الشبهي، كما أن ما ذكرناه عدول عن الجمع الشبهي.
وإسم الشبه، في اصطلاح أكثر الفقهاء، مخصوص بالتشبيه بمثل هذه الأوصافن الذي لا يمكن اثباته بالمدارك السابقة، وإن كان غير التعليق بالمخيل تشبيها، ولكن خصصت العبارة اللفظية به لأنه ليس فيه إلا شبه، كما خصصوا المفهوم بفحوى الخطاب، مع أن المنظوم أيضا له مفهوم، ولكن ليس للفحوى منظوم، بل مجرد المفهوم فلقب به.