والأرض ثقيلى فينبغي أن تميل إلى أسفل، ومن ذلك يلزم أن تخرق الهواء ولا تقف، غلط منشأه إهمال لفظ الأسفل وأنه ما معناه، فغن الأسفل يقابله أعلى فلا بد من جهتين متقابلتين، وتقابل الجهتين إما أن يكون بالإضافة إلى رأس الآدمي ورجله حتى لو لم يكن آدمي لم يكن أسفل ولا أعلى ولو انتكس آدمي لصار جهة الأسفل أعلى وهو محال، وإما أن يكون الأسفل هو أبعد المواضع عن الفلك المحيط وهنوالمركز، والأعلى هو أقرب المواضع إلى المحيط، فإن صح هذا فالأرض إذا كانت في المركز فهي في أسفل سافلين، فلا يتصور أن تنتقل لأن أسفل سافلين غاية البعد عن المحيط وهوالمركز، ومهما جاوزت المركز في أي جانب كان، فارقت الأسفل إلى جهة الأعلى، فإن كان المعنى بالأسفل هذا فما ذكروه ليس بمحال، وأن كان المعنى بالأعلى والأسفل ما يحاذي جهة رأسنا وقدمنا فما ذكروه محالن فتأمل جدا حد الأسفل حتى يتبين لك أحد الأمرين، وإنما تعرف ذلك بالنظر في حقيقة الجهة وأنها بم تتحد أطرافها المتقابلة، ولا يمكن شرحه في هذا الكتاب. فإذن هذه الأغاليط نشأت من تسليم مقدمات ليست واجبة التسليم، ومثاراتها قد جرى التنبيه عليها، فليقس بما ذكرناه ما لم نذكره.