للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنتيجة من وجه وبالمقدمة من وجه.

منها قولهم: هذه النتائج إن حصلت من المقدمات فالمقدمات بماذا تحصل، وإن حصلت من مقدمات أخرى وجب التسلسل إلى غير النهاية وهو محال، وإن كانت حصلت من المقدمات التي تفتقر إلى مقدمات فهل هي علوم حاصلة في ذهننا منذ خلقنا، أو حصلت بعد أن لم تكن؟ فإن كانت حاصلة منذ خلقنا فكيف كانت حاصلة ولا نشعر بها، إذ ينقضي على الإنسان أطول عمره ولا يخطر بباله أن الأشياء المساوية لشيء واحد متساوية، فكيف يكون العلم بكونها متساوية حاصلا في ذهنه، وهو غافل عنه؟ وإن لم تكن حاصلة فينا أول الأمر ثم حدثت فكيف حدث علم لم يكن بغير اكتساب، وتقدم مقدمة يحصل بها وكل علم مكتسب فلا يمكن إلا بعلم قد سبق ويؤدي إلى التسلسل؟ قلناك كل علم مكتسب فبعلم قد سبق اكتسب، إذ العلم إما تصور أو تصديق، والتصور بالحد وأجزاء الحد ينبغي أن تعلم قبل الحد، فماذا ينفع قولنا في تحديد الخمر: إنه شراب مسكر معتصر من العنب لمن لا يعرف الشراب والمسكر والعنب والمعتصر؟ فالعلم بهذه الأجزاء سابق، ثم هي أيضا إن عرفت بالتحديد وجب أن يتقدمها علم بأجزاء الحد ويتسلسل، ولكن ينتهي إلى تصورات هي أوائل عرفت بالمشاهد بحس باطن أو ظاهر من غير تحديد، وعليها ينقطع.

وكذلك التصديق بالنتيجة فإنه يستدعي تقدم العلم بالمقدمات لا محالة، وكذا المقدمات إلى ان يرتقي إلى أوائل حصل التصديق بها لا بالبرهان،

<<  <   >  >>