للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علمي محض مبني على اختلاف أنظارهم وتفاوت مراتبهم في الاستنباط والاجتهاد أو على نسيان أحدهم حديثًا وتذكر الآخر له. وليس ذلك ناشئًا عن شك أو ريبة أو تكذيب واحد لآخر.

أما الحديث هذا فليس له أثر بهذا اللفظ - كما قال الشيخ السباعي - في كتب الحديث قاطبة ولا في كتب الفقه - وليس فيها ذكر لهذه الحادثة التي رَوَوْهَا عن ابن عباس على أبي هريرة - ولو ثبت وثبتت الحادثة لما أغفلوا النص عليها.

نعم، ذكرها بعض علماء الأصول منهم - صاحب [" مُسَلَّم الثبوت "]- وهؤلاء القوم بتساهلون - بعضهم - في ذكر الأحاديث التي ليس لها أصل أو لها أصل من طريق ضعيف لأنَّ الحديث ليس من اختصاصهم، وعلى كل حال فإنَّ كتبهم ليست مرجعًا في علم الحديث ولا يرجع إليها فيه.

واللفظ الموجود لهذا الحديث في كتب الحديث هو «مِنْ غُسْلِهِ الْغُسْلُ وَمِنْ حَمْلِهِ الْوُضُوءُ» (١).

ثم إنَّ أبا هريرة لم ينفرد بهذا الحديث، بل رواه عَلِيٌّ وعائشة ورواه أبو هريرة مرفوعًا وموقوفًا.

ثم على فرض صحة الواقعة وثبوت رَدِّ ابن عباس لأبي هريرة فليس معناه التكذيب ولا الطعن بل هو خلاف في فهم الحديث وفقهه، فأبو هريرة يوجب الوضوء من الجنازة عملاً بظاهر الحديث وابن عباس يرى الوجوب غير مراد من الحديث بل هو محمول على الندب (٢).

٨ - قالوا: إنَّ أبا هريرة لم يكن يكتب الحديث، بل كان يعتمد في روايته على ذاكرته (٣).


(١) رواه الترمذي وابن ماجه.
(٢) " السُنَّة ومكانتها ": ص ٣٠٠.
(٣) " فجر الإسلام " لأحمد أمين: ص ٢٦٨.

<<  <   >  >>