للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تركوا خبر أبي هريرة هنا - لا لخصوص أبي هريرة - كما يزعم المؤلف، ولا خروجًا عن قاعدتهم بل يناء على قاعدة مُسَلَّمٌ بها عندهم وعند جميع العلماء أنَّ الخبر إذا عارض الكتاب والسُنَّة والإجماع لم يعمل به، لأنَّ القاعدة في الترجيح عند تعارض الأدلة أنْ يصار إلى الأقوى ولا شك أنَّ ما دَلَّ عليه الكتاب والسُنَّة بمجموعها والإجماع أقوى مِمَّا دَلَّ عليه خبر الآحاد، وهذا الخبر قد عارض عندهم الكتاب والسُنَّة والإجماع فلا يعمل به، ثم سلكوا في الجواب عنه مسالك مختلفة أقربها أنه منسوخ.

وَأَيًّا كان الأمر فليس في مسلك الحنفية هنا ما يعود بالطعن على أبي هريرة.

١٢ - قال: «وَالوُضّاع قد استغلوا فرصة إكثاره فزوَّرُوا عليه أحاديث لاَ تُعَدُّ» (١).

نقول: إنَّ هذا شيء لم يُخَصَّ به أبو هريرة بل إِنَّ عَلِيًّا وعمر وعائشة وابن عباس وغيرهم قد كُذِبَ عليهم، إذًا فما وجه تخصيص أبي هريرة بالذكر إِلاَّ أنَّ الأستاذ يريد التشكيك في مرويات أبي هريرة كلها كما صَرَّحَ قبل ذلك بقوله: «كل هذه الظروف تجعلنا نقف من أحاديث أبي هريرة موقف الحذر والشك»، بهذا يُنْهِي الأستاذ حديثه عن أبي هريرة كما أنهى سلفه - جولدتسيهر - بحثه في أبي هريرة حيث يقول: «إنَّ كثيرًا من الأحاديث التي نسبها الرُواة إليه قد نُحِلَتْ عليه في عصر متأخر» (٢).

وهكذ يحمل مؤلف " فجر الإسلام " حملات مُنْكَرَةٍ بأسلوب لطيف على هذا الصحابي الجليل من غير تَثَبُّتٍ ولا تحقق أو مُتعمدًا ليحقق فكرة خبيثة في ذهن مستشرق ومغلوب على هواه لِيُشَوِّهَ بها سيرة عظمائنا الذين نقلوا إلينا هذا الشرع وحفظوه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.


(١) " فجر الإسلام ": ص ٢٧٠.
(٢) " دائرة المعارف الإسلامية ": ٢/ ٢٥ - ٢٧.

<<  <   >  >>