مسألة جد خطيرة نجد من الخير أنْ نعرض لها ببعض التفصيل، وهي وضع الحديث في هذا العصر، ولقد ساد إلى وقت قريب في أوساط المستشرقين الرأي القائل:«بأنَّ القسم الأكبر من الحديث ليس صحيحًا ما يقال من أنه وثيقة للإسلام في عهد الطفولة ولكنه أثر من آثار جهود المسلمين في عصر النضوج».
وأشار الدكتور إلى أنَّ هذا الرأي هو لجولدتسيهر:
هذا لا يستغرب من يهودي يسعى أنْ يقضي على الإسلام بأسره. إنَّ المفسر لا يهمه إقامة الدليل على دعواه بقدر ما يهمه النفث بدسائسه كي تعمل عملها في الذين لم يتمكن الإسلام في قلوبهم.
إنَّ القرآن الكريم والسُنَّة الصحيحة تُكَذِّبُ هذه الدعوى، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}(١).
فما معنى كمال الدين وتمامه إذا قيل: إنَّ السُنَّة لم تحفظ وأنها نتيجة التطور وقال - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي».
فما توفي رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلاَّ وقد كان الإسلام ناضجًا متكاملاً لا طفلاً يافعًا كما يَدَّعِي هذا المستشرق.
ثم يقال له: إنك تعلم أنَّ المسلمين في مختلف بقاع الأرض التي وصلوا إليها وأهل تلك الديار الذين دخلوا في الإسلام كانوا يتعبَّدون عبادة واحدة ويقيمون أسس أسرهم وبيوتهم على أساس واحد، وهكذا كانوا مُتَّحِدِينَ