في العبادات والمعاملات والشعائر والعادات غالبًا فلو كان الحديث أو القسم الأكبر منه نتيجة للتطور الديني - كما زعمت - للزم حتمًا أَلاَّ تتحد عبادة المسلم في شمال إفريقيا مع عبادة المسلم في جنوب آسيا، إنَّ البيئة في كل منهما مختلفة عن الأخرى تمام الاختلاف، فكيف اتَّحَدَا في العبادة والتشريع والمعاملات والآداب؟ وبينهما من البُعد ما بينهما.
من هذا نرى أنَّ زعمه هذا مبني على أساس من جرف هار فانهار من أول وهلة.
٢ - ثم حاول بعد ذلك أنْ يصور لنا أنَّ الأمويِّين كانوا يضطهدون الذين وأصحابه، وأنَّ العلماء الأتقياء كانوا على خلاف مستمر معهم وأنهم وضعوا أحاديث .. وهو كاذب في كلا الأمرين، فإنَّ الروايات التي يمكن أنْ يعتمد عليها والأخبار التي يمكن أنْ يتعلق بها في قوله عن الأمويِّين إذا تمعَّنت فيها ومحَّصتها تجدها كلها غير جديرة بالاهتمام حيث أنها كلها من آثار صنائع العباسيين والشيعة والروافض.
بل إننا نجد نصوصًا كثيرة تُكَذِّبُ ما رمى به هذا المستشرق خلفاء بني آمية، فقد كان الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اختار معاوية - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لكتابة الوحي. ونسك عبد الملك وتقواه ودعاء الناس يلقِّبُونه بحمامة المسجد، ولما جاء الناس يبايعونه كان يتلو كتاب الله على مصباح ضئيل، ولقد أنشأت أكثر المساجد المعروفة اليوم في عصر الوليد بن عبد الملك، والتاريخ يذكر بكثير من الإعجاب فتوحات الأمويِّين، وأما ما ادَّعاه من الخلاف المستمر بين العلماء الأتقياء والأمويِّين ففيه تمويه، فالحق الذي لا مرية فيه أنَّ العلماء الذين نهضوا لجمع الحديث وتدوينه لم يكن بينهم وبين الأمويين أي عداء إلاَّ ما نقل من جفاء سعيد بن المسيب لعبد الملك لأنه أراد أخذ البيعة لابنه الوليد ثم سليمان من بعده، فأبى سعيد وقال: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى