للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ بَيْعَتَيْنِ» في وقت واحد، فهذا هو سبب الجفاء، ولا نعلم قبل هذه الحادثة جفاء بين سعيد وخلفاء بني أمية، ووقع شيء من الجفاء بين الحجاج وبعض علماء عصره سببه اشتداد الحَجَّاجِ في مقاومة خصوم الدولة الأموية. أما الذين قام العداء بينهم وبين الأمويين فهم الخوارج والعلويُّون وهؤلاء غير أولئك العلماء الذين ضَحُّوا بحياتهم في سبيل جمع الحديث وتدوينه، فإنْ كان المستشرق يريد بالعلماء الأتقياء - أولئك الغلاة من الشيعة والخوارج فنعم - ولكنه يثير العجب حيث إنه يطلق هذا اللقب على من كانوا أداة فساد وإفساد في أرض الله الطاهرة وتظاهرًا بِحُبِّ عَلِيًّ وآله - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ووضعوا أحاديث للوصول إلى غايتهم وهم يضمرون في نفوسهم المكر والكيد للإسلام وأهله (١).

٣ - ثم يزعم «ولم يقتصر الأمر على هؤلاء فإنَّ الحكومة نفسها لم تقف ساكنة إزاء ذلك، فإذا أرادت أنْ تُعَمِّمَ رأيًا أو تسكت هؤلاء الأتقياء، تذرعت أيضًا لوجهات نظرها، فكانت تعمل ما يعمله خصومها، فتضع الحديث أو تدعو إلى وضعه» (٢).

وهذه دعوة جديدة لا وجود لها إلاَّ في خيال كاتبها، فما روى لنا التاريخ أنَّ الحكومة الأموية وضعت الأحاديث لتعمم بها رأيًا من آرائها فنحن نسأله أين تلك الأحاديث التي وضعتها الحكومة، ولا نجد في حديث واحد من آلافها الكثيرة في سنده عبد الملك أو يزيدًا أو الوليد أو أحد عُمَّالِهِمْ كالحَجَّاجِ، فاين ضاع ذلك في زوايا التاريخ لو كان له وجود؟ وإذا كانت الحكومة الأموية لم تضع بل دعت إلى الوضع فما الدليل على ذلك؟


(١) انظر " السُنَّة ومكانتها ": ص ١٩٧، ١٩٨. " رسالة حُجِيَّة السُنَّة " لمحمد لقمان السلفي ": ص ١١٠.
(٢) " نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ": ص ١٢٦، ١٢٧.

<<  <   >  >>