للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - ثم يقول: «إنه لا توجد مسألة خلافية سياسية أو اعتقادية إِلاَّ ولها اعتماد على جملة من الأحاديث ذات الإسناد القوي» (١).

أهذا هو الدليل على أنَّ الحكومة الأموية هي التي دعت إلى الوضع؟

لماذا يكون لوضع هذه الأحاديث في المسائل الخلافية من وضع المذاهب المختلفة سبب إلاَّ الوضع؟

لقد بَيَّنَ علماؤنا أسباب اختلاف الحديث فما كان مرجعه إلى الوضع بَيَّنُوهُ، وما كان مرجعه إلى غير ذلك بَيَّنُوهُ أيضًا، فالزعم بِأَنَّ ذلك دليل على وضع الأحاديث المختلفة كلها زعم باطل وأشد منه بطلانًا أنْ يَتَّخِذَ ذلك دليلاً على تدخل الحكومة الأموية في الوضع ودعوتها إليه.

٥ - ثم يزعم «أنه استغلَّ هؤلاء الأمويون الإمام الزُّهْرِيَّ بدهائهم في سبيل وضع الأحاديث».

وهذه مؤامرة مذمومة وجُرْأَةٌ شنيعة من هذا اليهودي المستشرق على أكبر إمام من أئمة السُنَّة في عصره، بل على أول من دَوَّنَ السُنَّة من التابعين لنرى ما فيها من خُبْثٍ ولؤم وَدَسٍّ وتحريف، إنها لخطَّة مُبَيِّتَةٌ من هذا المستشرق أنْ يهاجم أركان السُنَّة واحدًا بعد واحدٍ، فلقد هاجم أكبر صحابي روى الحديث على رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - حتى إذا فرغ من تهديم أبي هريرة - على زعمه - جاء هنا ليهدم ركن السُنَّة في عصر التابعين، ولكن الله غالب على أمره ولا بُدَّ للحق من هزيمة الباطل مهما آوى الباطل إلى ظل ظليل وركن متين.

والإمام الزُّهْرِي لا يضره حقد الحاقدين فهو قطب السُنَّة ويكفيه فخرًا ما قال فيه الذهبي: «هُوَ أَعْلَمُ الحُفَّاظِ الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ». وقال مكحول


(١) " نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ": ص ١٢٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>