للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن طلب الحديث شيء غير الحديث، وطلب الحديث اسم عرفي لأمور زائدة على تحصيل ماهية الحديث، وكثير منها مراق إلى العلم، وأكثرها أمور يشغف بها المحدّث من تحصيل النسخ المليحة، وتطلب العالي، وتكثير الشيوخ، والفرح بالألقاب والثناء وتمنى العمر الطويل ليروي، وحب التفرد إلى أمور عديدة، لازمة للأغراض النفسانية لا للأعمال الربانية، فإذا كان طلبك للحديث النبوي محفوفا بهذه الآفات فمتى خلاصك منها إلا الإخلاص، وإذا كان علم الآثار مدخولا فما ظنك بعلم المنطق والجدل، وحكمة الأوائل التي تسلب الإيمان، وتورث الشكوك والحيرة التي لم تكن والله من علم الصحابة ولا التابعين، ولا من علم الأوزاعي، والثوري، ومالك، وأبي حنيفة، وابن أبي ذئب، وشعبة، ولا والله عرفها ابن المبارك، ولا أبو يوسف القائل: من طلب الدين بالكلام تزندق. ولا وكيع، ولا ابن مهدي، ولا ابن وهب، ولا الشافعي، ولا عفان ولا أبو عبيد، ولا ابن المديني، وأحمد، وأبو ثور، والمزني، والبخاري، والأثرم، ومسلم، والنسائي، وابن خزيمة، وابن سريج، وابن المنذر، وأمثالهم، بل كانت علومهم القرآن والحديث والفقه والنحو وشبه ذلك، نعم. وقال سفيان أيضا، فيما سمعه منه الفريابي: ما من عمل أفضل من طلب الحديث إذا صحّت النية فيه. قال وسمعته يقول: دخلت على المهدي فقلت بلغني أن عمر أنفق في حجته اثني عشر دينارا وأنت فيما أنت فيه، فغضب. وقال: تريدني أن أكون في مثل الذي أنت فيه؟ قلت فإن لم تكن في مثل ما أنا فيه ففي دون ما أنت فيه.

قال ضمرة: سمعت مالكا يقول: إنما كانت العراق تجيش علينا بالدّراهم والثياب ثم صارت تجيش علينا بسفيان الثوري.

قال صالح جزرة: سفيان أحفظ من شعبة، يبلغ حديثه ثلاثين ألفا، وحديث شعبة نحو عشرة آلاف.