(وإذا كَانَ توحيد الربوبية، الذي يجعله هَؤُلاءِ النظار، ومن وافقهم من الصوفية هو الغاية في التوحيد: داخلاً في التوحيد الذي جاءت به الرسل -عليهم السلام- ونزلت به الكتب، فليعلم أن دلائله متعددة كدلائل إثبات الصانع ودلائل صدق الرسول، فإن العلم كلما كَانَ النَّاس إليه أحوج كانت أدلته أظهر، رحمةً من الله بخلقه.
والقرآن قد ضرب الله للناس فيه من كل مثل، وهي المقاييس العقلية المفيدة للمطالب الدينية، لكن القُرْآن يبين الحق في الحكم والدليل، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟
وما كَانَ من المقدمات معلومة ضرورية متفقاً عليها استدل بها، ولم يحتج إِلَى الاستدلال عليها، والطريقة الفصيحة في البيان أن تحذف، وهي طريقة القُرْآن بخلاف ما يدعيه الجهال، الذين يظنون أن القُرْآن ليس فيه طريقة برهانية، بخلاف ما قد يشتبه ويقع فيه نزاع، فإنه يبينه ويدل عليه.