للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهي تعبر عن عقائد زائفة، وتشتمل عَلَى مقدمات باطلة، وتؤدي إِلَى نتائج كاذبة مبتدعة في الدين، لم يكن عليها السلف الصالح رضوان الله تَعَالَى عليهم، وإنما انتشر القيل والقال والجدال لما انتشرت مثل هذه الأقوال، وإلا فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا النَّاس إِلَى عبادة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ودعا أصحابه النَّاس فأدخلوهم في دين الله، وأقنعوهم إقناعاً عقلياً حتى ولد منهم أكبر الدعاة إِلَى الله، وأكبر العلماء المؤلفين كالإمام البُخَارِيّ وغيره، فما أقنعوهم وناظروهم وأفهموهم بالمنطق اليوناني، وإنما أفهموهم بمنطق الوحي الذي يعطي الحجة، فيأتونهم بالوحي والمحجة الواضحة.

كما مر أن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمنا منهج الدعوة، فكتب إِلَى هرقل عظيم الروم: هرقل عظيم الروم، أسلم تسلم، فإن أبيت فإنما عليك إثُمَّ الأريسيين) ثُمَّ كتب: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:٦٤] وختم الكتاب.

وهذه الآية تهدم جميع المعتقدات التي كانت تدين بها الإمبراطورية الرومية وأولها: وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً كَانَ الرومان يعبدون الإمبراطور، وكانوا يتلقون عن الأحبار والرهبان في الدولة كما قال تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [التوبة:٣١] ولذلك لما جاءت هذه الآيات وهذا الكتاب إِلَى هرقل هزته -وهو أعظم ملوك الأرض- وأيقن أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الحق، ولولا أنه آثر الدنيا عَلَى الأخرى لآمن بالله واتبع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <   >  >>