للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا يروي هذه القصة أصحاب السيرة عَلَى أنها من دلائل النبوة، لا عَلَى أنها من الأدعية والأذكار الواردة، ومن هنا فرق بين هذا وهذا، وقوله: "اللهم شفعه في" نعم، يجوز هذا لمن كَانَ في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقصده دعاء الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا تزاح الأحاديث الصحيحة التي أثبتت أن الشَّفَاعَةَ للأمةِ جميعاً، فنحن ندعو الله أن يجعلنا من الأمة المرحومة التي يشفع فيها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا حرج في هذا الدعاء، لأننا لم ندعُ إلا الله، ولم نعتدِ في الدعاء، بل دعوناه بأمر قد أخبرنا أنه حق.

ما كَانَ لنبي قط أن يرضى بأدنى جرح في التوحيد، فضلاً عن رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي سد كل ذريعة توصل إِلَى الشرك من الآثار أو المقابر، أو ما يعظمه النَّاس كتعظيم الصور والتماثيل، والصلاة عَلَى المقابر، كل ذلك ورد النهي عنه صريحاً، وأنه وسيلة إِلَى الشرك، وقد نهى النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفسه رجلاً أتاه فقَالَ: "ما شاء الله وشئت"، فَقَالَ له النبي (أجعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله وحده) .

وفي الحديث الآخر -وإن كَانَ في سنده كلام- أنهم لما قالوا: قوموا بنا نستغيث بالرَّسُول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: (إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله) .

<<  <   >  >>