[وتارة يقول: باتباعي لرسولك ومحبتي له، وإيماني به، وبسائر أنبيائك ورسلك وتصديقي لهم، ونحو ذلك فهذا من أحسن ما يكون من الدعاء والتوسل الاستشفاع، فلفظ التوسل بالشخص والتوجه به فيه إجمال، غلط بسببه من لم يفهم معناه، فإن أريد به التسبب به لكونه داعياً وشافعاً، وهذا في حياته يكون، أو لكون الداعي محباً له، مطيعاً لأمره، مقتدياً به، وذلك أهل للمحبة والطاعة والاقتداء، فيكون التوسل إما بدعاء الوسيلة وشفاعته، وإما بمحبة السائل واتباعه، ويراد به الإقسام به والتوسل بذاته، فهذا الثاني هو الذي كرهوه، ونهوا عنه، وكذلك السؤال بالشيء قد يراد به التسبب به، لكونه سبباً في حصول المطلوب، وقد يراد به الإقسام به.
ومن الأول: حديث الثلاثة الذين أووا إِلَى الغار، وهو حديث مشهور في الصحيحين وغيرهما، فإن الصخرة انطبقت عليهم، فتوسلوا إِلَى الله بذكر أعمالهم الصالحة الخالصة، وكل واحد منهم يقول: فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نَحْنُ فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون، فهَؤُلاءِ دعوا الله بصالح الأعمال، لأن الأعمال الصالحة هي أعظم ما يتوسل به العبد إِلَى الله، ويتوجه به إليه ويسأله به؛ لأنه وعد أن يستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ويزيدهم من فضله] اهـ.